للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين أَراد نائب الغيبة بالقلعة أَن يسلم القلعة فبطل ذلك فجأَة، وظنّ شيخ ومَن معه أَن السلطان في العسكر المذكور فانهزموا، ولو تحقَّق أَنَّ رأْسهم بكتمر لما انهزم ولعلمهم أَن بكتمر لا يقوم قدّامه.

واعتذر مَن قدم من عدم اتباعهم للمنهزمين أَن خيولهم كانت أَعْيَتْ - وكذلك الرجال - من توالي الركض حتى أَدركوا ما أَدركوا.

* * *

وسار شيخ بمن معه إلى إطفيح ثم إلى السويس فأَخلوا منها عليقا وجمالًا، وسار بهم شعبان بن عيسى في درب الحاج إلى نخل وافترقوا حينئذ فرقتين: فرقة رأَسها نوروز ومعه يشبك بن أَزدمر وسودون بقجة، وفرقة فيها شيخ ومعه سودون قرا صقل وسودون المحمّدي، فوصلوا إلى الشوبك ثم إلى الكرك فتلقّاهم سودون وأَدخلهم المدينة.

فلما كان في وسط ذي القعدة توجّه شيخ إلى الحمّام بالكرك ومعه قانْباي المحمّدي وسودون وطائفة يسيرة، فبادر أَحمد بن أبي العباس الحاجب بالكرك وأَراد الفتك بهم ومعه جمعٌ كثير فاقتحموا الحمام فسبقهم بعض مماليك شيخ فأَعلمه فنهض وفي وسطه مئزر وفي يده طاسة الحمَام، فقاتلهم وأَخرجهم من الحمام.

ثم تكاثروا عليه فأَدْركه (١) نوروز في جماعة فكسروهم، وقد أَصاب شيخًا سهمٌ فخرج منه بسببه دم كثير فسقط مغشيًّا عليه فحُمل على بساطه وأَقام أَيامًا لا يعقِل.

وقُتل في هذه الكائنة سودون بقجة وكان شابًّا، وهو زوج بنت تمراز، وكان مع ذلك محبًّا في العلماء.

فلما وقع ذلك خشي سودون الجلب من الأُمراء أَن ينسبوه إلى الفتنة المذكورة، فهرب منهم إلى ماردين وعزم على المضيّ إلى قرا يوسف، فبلغه أَنه مشغولٌ بمحاربة ملوك الترك - مثل أَيدكي وإبراهيم الدربندي وشاه رخ بن تمرلنك - فتأَخَّر عن المضيّ إليه، ونودي بالقاهرة


(١) في ك "فأدركهم نوروز وجماعته".