للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطانيها- أو كما قال- والنبى- صلى الله عليه وسلم- يقول: «لك كذا» وتقول كلا والله، حتى أعطاها- حسبت أنه قال- عشرة أمثاله «١» أو كما قال.

وإنما فعلت هذا أم أيمن لأنها ظنت أنها كانت هبة مؤبدة وتمليكا لأصل الرقبة، وأراد النبى- صلى الله عليه وسلم- استطابة قلبها فى استرداد ذلك فلاطفها وما زال يزيدها فى العوض حتى رضيت، وكل هذا تبرع منه- صلى الله عليه وسلم- وإكرام لها، لما لها من حق الحضانة والتربية، ولا يخفى ما فى هذا من فرط جوده وكثرة حلمه وبره- صلى الله عليه وسلم-.

وجاءته- صلى الله عليه وسلم- امرأة كان فى عقلها شىء، فقالت: إن لى إليك حاجة، فقال: «اجلسى فى أى سكك المدينة شئت أجلس إليك» ، وفى رواية مسلم: «حتى أقضى حاجتك» ، فخلا معها فى بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها «٢» . ولا ريب أن هذا كله من كثرة تواضعه- صلى الله عليه وسلم-.

وقال عبد الله بن أبى الحمساء- بالحاء المهملة المفتوحة والميم الساكنة والسين المهملة وفى آخره همزة ممدودة- بايعت النبى- صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبعث، وبقيت له بقية، فوعدته أن آتيه بها فى مكانه، فنسيت فذكرت بعد ثلاث فإذا هو فى مكانه فقال: «لقد شققت على، أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك» «٣» . رواه أبو داود.

وقال ابن أبى أوفى: كان- عليه السّلام- لا يأنف أن يمشى مع الأرملة والمسكين فيقضى له الحاجة «٤» . رواه النسائى. وفى رواية البخارى: إن كانت


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤١٢٠) فى المغازى، باب: مرجع النبى- صلى الله عليه وسلم- من الأحزاب، ومسلم (١٧٧١) فى الجهاد والسير، باب: رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٣٢٦) فى الفضائل، باب: قرب النبى- عليه السّلام- من الناس، من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٩٩٦) فى الأدب، باب: فى العدة، والبيهقى فى «الكبرى» (١٠/ ١٩٨) ، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .
(٤) صحيح: أخرجه النسائى (٣/ ١٠٨) فى السهو، باب: ما يستحب من تقصير الخطبة، والدارمى فى «سننه» (٧٤) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٥٠٠٥) .