للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير طهارة، حتى كان الأعمش إذا كان على غيرها تيمم. ولا شك أن حرمته- صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه وتوقيره بعد مماته وعند ذكره، وذكر حديثه وسماع اسمه وسيرته كما كان فى حياته والله أعلم.

[ومنها: أنه يكره لقارئ حديثه أن يقوم لأحد،]

قال ابن الحاج فى «المدخل» : لأنه قلة أدب مع النبى- صلى الله عليه وسلم- وقلة احترام وعدم مبالاة أن يقطع حديثه لأجل غيره، فكيف لبدعة، وقد كان السلف لا يقطعون حديثه ولا يتحركون وإن أصابهم الضر فى أبدانهم ويتحملون المشقة التى تنزل بهم إذ ذاك احتراما لحديث نبيهم- صلى الله عليه وسلم-.

وحسبك ما وقع لمالك- رحمه الله- فى لسع العقرب سبع عشرة مرة، وهو لم يتحرك، وتحمله للسعها توقيرا لجناب حديثه- صلى الله عليه وسلم- أن يكون يقرأ وهو يتحرك لضر أصابه، مع أنه معذور فيما وقع، فكيف بالحركة والقيام إذ ذاك لا لضرورة بل للبدعة، لا سيما إذا انضاف إلى ذلك ما لا ينبغى من الكلام المعتاد. انتهى ملخصا.

[ومنها أن قراء حديثه لا تزال وجوههم نضرة،]

وأن قراء حديثه اختصوا بالتلقيب بالحفاظ، وأمراء المؤمنين من بين سائر العلماء.

ومنها: أنه تثبت الصحبة لمن اجتمع به- صلى الله عليه وسلم- لحظة،

بخلاف التابعى مع الصحابى، فلا تثبت إلا بطول الاجتماع معه على الصحيح عند أهل الأصول، والفرق عظم منصب النبوة ونورها، فبمجرد ما يقع بصره على الأعرابى الجلف ينطق بالحكمة.

[ومنها: أن أصحابه كلهم عدول،]

لظواهر الكتاب والسنة، فلا يبحث عن عدالة أحد منهم، كما يبحث عن سائر الرواة. قال الله تعالى خطابا للموجودين حينئذ وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً «١» أى عدولا، وقال- صلى الله عليه وسلم-: «لا تسبوا أصحابى، فو الذى نفسى بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد


(١) سورة البقرة: ١٤٣.