تقدم هل القصر رخصة أو عزيمة، وما استدل به لكل من القولين، فى أوائل هذا المقصد. وعن أنس بن مالك قال: صليت الظهر مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالمدينة أربعا، وخرج يريد مكة فصلى بذى الحليفة العصر ركعتين «١» . رواه البخارى ومسلم. وهذا الحديث مما احتج به أهل الظاهر فى جواز القصر فى طويل السفر وقصيره، فإن بين المدينة وذى الحليفة ستة أميال، ويقال سبعة.
وقال الجمهور: لا يجوز القصر إلا فى سفر يبلغ مرحلتين، وقال أبو حنيفة وطائفة: شرطه ثلاث مراحل، واعتمدوا فى ذلك آثارا عن الصحابة.
وأما هذا الحديث فلا دلالة فيه لأهل الظاهر، لأن المراد أنه- صلى الله عليه وسلم- حين سافر إلى مكة فى حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعا ثم سافر، فأدركته العصر
(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٨٩) فى الجمعة، باب: فى كم يقصر الصلاة، ومسلم (٦٩٠) فى صلاة المسافرين، باب: صلاة المسافرين وقصرها.