للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثانى فيما خصّه الله تعالى به من المعجزات وشرفه به على سائر الأنبياء من الكرامات والآيات البيّنات

اعلم نور الله قلبى وقلبك، وقدس سرى وسرك، أن الله تعالى قد خص نبينا- صلى الله عليه وسلم- بأشياء لم يعطها لنبى قبله، وما خص نبى بشىء إلا وكان لسيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- مثله، فإنه أوتى جوامع الكلم، وكان نبيّا وآدم بين الروح والجسد، وغيره من الأنبياء لم يكن نبيّا إلا فى حال نبوته وزمان رسالته.

ولما أعطى هذه المنزلة علمنا أنه- صلى الله عليه وسلم- الممد لكل إنسان كامل مبعوث ويرحم الله الأديب شرف الدين الأبوصيرى فلقد أحسن حيث قال:

وكل آى أتى الرسل الكرام بها ... فإنما اتصلت من نوره بهم

فإنه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس فى الظلم

قال العلامة ابن مرزوق: يعنى أن كل معجزة أتى بها كل واحد من الرسل فإنما اتصلت بكل واحد منهم من نور محمد- صلى الله عليه وسلم- وما أحسن قوله:

فإنما اتصلت من نوره بهم فإنه يعطى أن نوره- صلى الله عليه وسلم- لم يزل قائما به ولم ينقص منه شىء، ولو قال: فإنما هى من نوره لتوهم أنه وزع عليهم وقد لا يبقى له منه شىء. وإنما كانت آيات كل واحد من نوره- صلى الله عليه وسلم- لأنه شمس فضل هم كواكب تلك الشمس يظهرن- أى تلك الكواكب- أنوار تلك الشمس للناس فى الظلم. فالكواكب ليست مضيئة بالذات وإنما هى مستمدة من الشمس فهى عند غيبة الشمس تظهر نور الشمس. فكذلك الأنبياء قبل وجوده- صلى الله عليه وسلم- كانوا يظهرون فضله فجميع ما ظهر على أيدى الرسل- عليهم