للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما طيب ريحه- صلى الله عليه وسلم- وعرقه وفضلاته، فقد كانت الرائحة الطيبة صفته- صلى الله عليه وسلم- وإن لم يمس طيبا. وروينا عن أنس قال: ما شممت ريحا قط ولا مسكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «١» . لحديث رواه الإمام أحمد. وفى البخارى: ولا شممت مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة النبى- صلى الله عليه وسلم-. وفى رواية الترمذى: ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. وقوله: شممت: بكسر الميم الأولى وسكون الثانية. وعن أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد السلمى قالت: كنا عند عتبة أربع نسوة، فما منا امرأة إلا وهى تجتهد فى الطيب لتكون أطيب ريحا منا، وكان إذا خرج إلى الناس قالوا: ما شممنا ريحا أطيب من ريح عتبة، فقلت له يوما: إنا لنجتهد فى الطيب، ولأنت أطيب ريحا منا فمم ذلك؟

فقال: أخذنى الشرى على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأتيته فشكوت ذلك إليه، فأمرنى أن أتجرد، فتجردت وقعدت بين يديه، وألقيت ثوبى على فرجى، فنفث فى يده ثم مسح ظهرى وبطنى بيده، فعبق بى هذا الطيب من يومئذ «٢» رواه الطبرانى فى معجمه الصغير.

وروى أبو يعلى والطبرانى قصة الذى استعان به- صلى الله عليه وسلم- على تجهيز ابنته، فلم يكن عنده شىء، فاستدعاه بقارورة فسلت له فيها من عرقه، وقال: «مرها فلتطيب به» ، فكانت إذا تطيبت به شم أهل المدينة ذلك الطيب فسموا بيت المطيبين. وقال جابر بن عبد الله: كان فى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خصال: لم يكن فى طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيب عرقه وعرفه «٣» ، ولم يكن يمر بحجر إلا سجد له. رواه الدارمى والبيهقى وأبو نعيم. ولله در القائل:


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٦١) فى المناقب، باب: صفة النبى- صلى الله عليه وسلم-، ومسلم (٢٣٣٠) فى الفضائل، باب: طيب رائحة النبى- صلى الله عليه وسلم-، وأحمد فى «المسند» (٣/ ١٠٧ و ٢٠٠ و ٢٢٢ و ٢٢٧ و ٢٢٨ و ٢٦٥ و ٢٧٠) .
(٢) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٨/ ٢٨٢) وقال: رواه الطبرانى فى الأوسط والكبير بنحوه، ورجال الأوسط رجال الصحيح. غير أم عاصم فإنى لم أعرفها.
(٣) أخرجه الدارمى فى «سننه» . (٦٦) .