للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وقال على: أبيض مشرب، والمشرب: هو الذى فى بياضه حمرة، كما فى الرواية الآخرى: أبيض مشرب بحمرة، وبهذا فسر قول أنس فى صحيح مسلم: أزهر اللون. وفى النسائى من حديث أبى هريرة: بينا النبى- صلى الله عليه وسلم- جالس بين أصحابه جاء رجل فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقالوا: هذه الأمغر المرتفق «١» . والأمغر: المشرب بحمرة. المرتفق: المتكئ على مرفقه.

وفى البخارى من حديث أنس: ليس بأبيض أمهق «٢» . قال الحافظ ابن حجر:

ووقع عند الداودى تبعا لرواية المروزى: أمهق ليس بأبيض، وفى رواية عند أبى حاتم وغيره أسمر. واستشكله بعضهم وقال: إن غالب هذه الروايات متدافع، وبعضها ممكن الجمع كالأبيض مع رواية مشرب بالحمرة والأزهر، وبعضها غير ممكن الجمع كالأبيض الشديد الوضح مع الأسمر. واعترض الداودى رواية أمهق ليس بأبيض. وهى التى وقعت عنده تبعا لرواية المروزى.

وقال القاضى عياض: إنها وهم، وقال: وكذلك رواية من روى أنه ليس بالأبيض ولا الآدم، ليس بصواب. قال الحافظ ابن حجر: هذا ليس يجيد لأن المراد أنه ليس بالأبيض الشديد البياض ولا بالآدم الشديد الأدمة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، والعرب قد تطلق على كل من كان كذلك أسمر، ولهذا جاء فى حديث أنس عند أحمد والبزار وابن منده بإسناد صحيح أن النبى- صلى الله عليه وسلم- كان أسمر، وأخرجه البيهقى فى الدلائل من وجه آخر عن أنس، فذكر الصفة النبوية فقال: كان- صلى الله عليه وسلم- أبيض بياضه إلى السمرة. وفى حديث ابن عباس فى صفته- صلى الله عليه وسلم-: رجل بين رجلين جسمه ولحمه، أحمر إلى البياض، أخرجه أحمد. وقد تبين من مجموع الروايات: أن المراد بالسمرة؛ الحمرة التى تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت ما تخالطه


(١) أخرجه ابن عساكر كما فى «كنز العمال» (١٨٥٣٣) ، ولم أقف عليه فى النسائى، ولعله وهم.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٤٧ و ٣٥٤٨) فى المناقب، باب: صفة النبى- صلى الله عليه وسلم-، ومسلم (٢٣٤٧) فى الفضائل، باب: فى صفة النبى- صلى الله عليه وسلم- ومبعثه وسنه.