يقول فى متوضئه ليلا: «لبيك لبيك ثلاثا، نصرت نصرت ثلاثا» ، فلما خرج قلت: يا رسول الله سمعتك تقول فى متوضئك: لبيك لبيك ثلاثا، نصرت نصرت ثلاثا، كأنك تكلم إنسانا، فهل كان معك أحد؟ فقال: - صلى الله عليه وسلم-:
«هذا راجز بنى كعب يستصرخنى ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بنى بكر» .
ثم خرج- عليه السّلام- فأمر عائشة أن تجهزه ولا تعلم أحدا. قالت: فدخل عليها أبو بكر فقال: يا بنية، ما هذا الجهاز؟ فقالت: والله ما أدرى، فقال:
والله ما هذا زمان غزو بنى الأصفر، فأين يريد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ قالت:
والله لا علم لى. قالت فأقمنا ثلاثا ثم صلى الصبح بالناس فسمعت الراجز ينشده:
يا رب إنى ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا
أن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وزعموا أن لست تدعو أحدا ... فانصر هداك الله نصرا أبدا
وادع عباد الله يأتوا مددا ... فيهم رسول الله قد تجردا
إن سيم خسفا وجهه تربدا
قال فى القاموس: وتربد- يعنى بالراء- تغير. انتهى. وزاد ابن إسحاق:
هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا
فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «نصرت يا عمرو بن سالم» «١» .
فكان ذلك ما هاج فتح مكة. وقد ذكر البزار من حديث أبى هريرة بعض الأبيات المذكورة.
وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة يسأله أن يجدد العهد ويزيد فى المدة. فأبى عليه، فانصرف إلى مكة.
(١) أخرجه البيهقى فى «السنن الكبرى» (٩/ ٢٣٤) وفى «الدلائل» (٥/ ٥- ٧) .