للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم فتح مكة زادها الله شرفا. وهو كما قال فى زاد المعاد:

«الفتح الأعظم، الذى أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحرمه الأمين، واستنقذ به بلده وبيته الذى جعله هدى للعاملين من أيدى الكفار والمشركين، وهو الفتح الذى استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس فى دين الله أفواجا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجا» «١» .

خرج له- صلى الله عليه وسلم- بكتائب الإسلام وجنود الرحمن لنقض قريش العهد الذى وقع بالحديبية. فإنه كان قد وقع الشرط: أنه من أحب أن يدخل فى عقد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعهده فعل، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم فعل. فدخلت بنو بكر فى عقد قريش وعهدهم، ودخلت خزاعة فى عقد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعهده.

وكان بين بنى بكر وخزاعة حروب وقتلى فى الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام، فلما كانت الهدنة خرج نوفل بن معاوية الديلى من بنى بكر فى بنى الديل حتى بيت خزاعة وهم على ماء لهم يقال له الوتير، فأصاب منهم رجلا يقال له منبه، واستيقظت لهم خزاعة فاقتتلوا إلى أن دخلوا الحرم ولم يتركوا القتال.

وأمدت قريش بنى بكر بالسلاح، وقاتل بعضهم معهم ليلا فى خفية.

وخرج عمرو بن سالم الخزاعى فى أربعين راكبا من خزاعة، فقدموا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يخبرونه بالذى أصابهم ويستنصرونه. فقام وهو يجر رداءه وهو يقول: «لا نصرت إن لم أنصركم بما أنصر منه نفسى» «٢» .

وفى المعجم الصغير للطبرانى، من حديث ميمونة أنها سمعته- صلى الله عليه وسلم-


(١) قاله ابن القيم فى «الهدى» (٣/ ٣٩٤) .
(٢) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٦/ ١٦١- ١٦٢) بنحوه عن عائشة وقال: رواه أبو يعلى عن حزام بن هشام بن حبيش عن أبيه عنها، وقد وثقهما ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.