للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتجهز رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من غير إعلام أحد بذلك.

فكتب حاطب كتابا وأرسله إلى مكة يخبر بذلك. فأطلع الله نبيه على ذلك.

فقال- عليه السّلام- لعلى بن أبى طالب والزبير والمقداد: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها» . قال فانطلقنا.. حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا: أخرجى الكتاب، قالت: ما معى كتاب. قلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. قال: فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلى ناس من المشركين بمكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. فقال: «يا حاطب، ما هذا؟» . قال: يا رسول الله لا تعجل على، إنى كنت امرأ ملصقا فى قريش- يقول: كنت حليفا ولم أكن من أنفسها- وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتنى ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتى، ولم أفعله ارتدادا عن ذنبى ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أما إنه قد صدقكم» . فقال عمر: يا رسول الله، دعنى أضرب عنق هذا المنافق، فقال:

«إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ إلى قوله: فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ «١» «٢» . رواه البخارى.

قال فى فتح البارى: وإنما قال عمر- رضى الله عنه-: دعنى يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق مع تصديق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لحاطب فيما اعتذر به، لما كان عند عمر من القوة فى الدين وبغض المنافقين، فظن أن من خالف ما


(١) سورة الممتحنة: ١.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٠٧) فى الجهاد والسير، باب: الجاسوس، ومسلم (٢٤٩٤) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر- رضى الله عنهم- وقصة حاطب بن أبى بلتعة- رضى الله عنه-.