للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنجد، فى شعبان سنة ثمان، وبعث معه خمسة عشر رجلا إلى غطفان، فقتل من أشرف منهم، وسبى سبيا كثيرا، واستاق النعم، وكانت الإبل مائتى بعير، والغنم ألفى شاة، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة.

ثم سرية أبى قتادة أيضا إلى بطن أضم- فيما بين ذى خشب وذى المروة- على ثلاثة برد من المدينة، فى أول شهر رمضان سنة ثمان.

وذلك أنه- صلى الله عليه وسلم- لما هم أن يغزو أهل مكة، بعث أبا قتادة فى ثمانية نفر، سرية إلى بطن أضم، ليظن ظان أنه- صلى الله عليه وسلم- توجه إلى تلك الناحية، ولأن تذهب بذلك الأخبار.

فلقوا عامر بن الأضبط، فسلم عليهم بتحية الإسلام، فقتله محلم بن جثامة، فأنزل الله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً «١» إلى آخر الآية «٢» رواه أحمد، وهو عند ابن جرير من حديث ابن عمر بنحوه وزاد: فجاء محلم بن جثامة فى بردين فجلس بين يدى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليستغفر له، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: لا غفر الله لك، فقام يتلقى دموعه ببرديه فما مضت له سابعة حتى مات فلفظته الأرض. وعند غيره: ثم عادوا به فلفظته الأرض، فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين فسطحوه ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه.

وفى رواية ابن جرير: فذكروا ذلك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله يريد أن يعظكم «٣» .

ونسب ابن إسحاق هذه السرية لابن أبى حدرد ومعه رجلان إلى الغابة، لما بلغه- صلى الله عليه وسلم- أن رفاعة بن قيس يجمع لحربه، فقتلوا رفاعة وهزموا عسكره، وغنموا غنيمة عظيمة، حكاه مغلطاى والله أعلم.


(١) سورة النساء: ٩٤.
(٢) انظر القصة بنحوها فى «صحيح البخارى» (٤٥٩١) فى التفسير، باب: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً، ومسلم (٣٠٢٥) فى التفسير، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٣) أخرجه ابن جرير فى «تفسيره» (٥/ ٢٢٢) ، كما ذكره الحافظ ابن كثير فى «تفسيره» (١/ ٥٤٠) .