للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه وقال: وانبياه واخليلاه واصفياه. أخرجه ابن عرفة العبدى كما ذكره الطبرى. قال: ولا تضاد بين هذا على تقدير صحته وبين ما تقدم مما تضمن ثباته، بأن يكون قد قال ذلك من غير انزعاج ولا قلق خافتا به صوته، ثم التفت إليهم وقال لهم ما قال.

وأخرج البيهقى وأبو نعيم من طريق الواقدى عن شيوخه: أنهم شكوا فى موته- صلى الله عليه وسلم-، قال بعضهم: قد مات، وقال بعضهم: لم يمت، فوضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفيه- صلى الله عليه وسلم- فقالت: قد توفى، قد رفع الخاتم من بين كتفيه، فكان هذا الذى قد عرف به موته. وأخرجه ابن سعد عن الواقدى أيضا.

ولما توفى- صلى الله عليه وسلم- قالت فاطمة: يا أبتاه، أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه «١» . رواه البخارى.

قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: وقد قيل الصواب: إلىّ جبريل نعاه. جزم بذلك سبط ابن الجوزى فى مرآة الزمان. قال: والأول متوجه فلا معنى لتغليط الرواة بالظن. وزاد الطبرانى: يا أبتاه، من ربه ما أدناه. وقد عاشت فاطمة- رضى الله عنها- بعده- صلى الله عليه وسلم- ستة أشهر فما ضحكت تلك المدة، وحق لها ذلك.

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه ... وإن كان من ليلى على الهجر طاويا

وأخرج أبو نعيم عن على قال: لما قبض- صلى الله عليه وسلم- صعد ملك الموت باكيا إلى السماء، والذى بعثه بالحق نبيّا لقد سمعت صوتا من السماء ينادى:

وا محمداه. الحديث. كل المصائب تهون عند هذه المصيبة.

وفى سنن ابن ماجه: أنه- صلى الله عليه وسلم- قال فى مرضه: «أيها الناس، إن أحد من الناس، أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بى عن المصيبة التى


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٤٦٢) فى المغازى، باب: مرض النبى ووفاته. من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.