للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصيبه بغيرى، فإن أحدا من أمتى لن يصاب بمصيبة بعدى أشد عليه من مصيبتى» «١» . وقال أبو الجوزاء: كان الرجل من أهل المدينة إذا أصابته مصيبة جاء أخوه فصافحه ويقول: يا عبد الله، اتق الله، فإن فى رسول الله أسوة حسنة. ويعجبنى قول القائل:

اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بأن المرء غير مخلد

واصبر كما صبر الكرام فإنها ... نوب تنوب اليوم تكشف فى غد

وإذا أتتك مصيبة تشجى بها ... فاذكر مصابك بالنبى محمد

ويرحم الله القائل:

تذكرت لما فرق الدهر بيننا ... فعزيت نفسى بالنبى محمد

وقلت لها إن المنايا سبيلنا ... فمن لم يمت فى يومه مات فى غد

كادت الجمادات تتصدع من ألم فراقه- صلى الله عليه وسلم-، فكيف بقلوب المؤمنين؟

لما فقده الجذع الذى كان يخطب إليه قبل اتخاذ المنبر حنّ إليه وصاح. كان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى وقال: هذه خشبة تحن إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه.

وروى أن بلالا لما كان يؤذن بعد وفاته- صلى الله عليه وسلم-، وقبل دفنه، فإذا قال:

أشهد أن محمدا رسول الله، ارتج المسجد بالبكاء والنحيب. فلما دفن ترك بلال الأذان. ما أمرّ عيش من فارق الأحباب خصوصا من كانت رؤيته حياة الألباب.

لو ذاق طعم الفراق رضوى ... لكان من وجده يميد

قد حملوني عذاب شوق ... يعجز عن حمله الحديد


(١) صحيح: أخرجه ابن ماجه (١٥٩٩) فى الجنائز، باب: ما جاء فى الصبر على المصيبة. من حديث عائشة- رضى الله عنها-. والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن ابن ماجه» .