للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النون وسكون الحاء المهملة. والمراد: أنه- صلى الله عليه وسلم- توفى ورأسه بين عنقها وصدرها.

وهذا لا يعارضه ما أخرجه الحاكم وابن سعد من طرق: أنه- صلى الله عليه وسلم- مات ورأسه فى حجر على، لأن كل طريق منها- كما قاله الحافظ ابن حجر- لا تخلو من شئ، فلا يلتفت لذلك والله أعلم.

قال السهيلى: وجدت فى بعض كتب الواقدى: أن أول كلمة تكلم بها النبى- صلى الله عليه وسلم- وهو مسترضع عند حليمة: الله أكبر، وآخر كلمة تكلم بها:

الرفيق الأعلى.

وروى الحاكم من حديث أنس: أن آخر ما تكلم به- صلى الله عليه وسلم-: «جلال ربى الرفيع» .

ولما توفى- صلى الله عليه وسلم- كان أبو بكر غائبا بالسنح- يعنى العالية، عند زوجته بنت خارجة- وكان- صلى الله عليه وسلم- قد أذن له فى الذهاب إليها، فسل عمر بن الخطاب سيفه وتوعد من يقول: مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وكان يقول: إنما أرسل إليه كما أرسل إلى موسى- عليه السّلام-، فلبث عن قومه أربعين ليلة، والله إنى لأرجو أن يقطع أيدى رجال وأرجلهم. فأقبل أبو بكر من السنح حين بلغه الخبر إلى بيت عائشة فدخل، فكشف عن وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجثا يقبله ويبكى ويقول: توفى والذى نفسى بيده، صلوات الله عليك يا رسول الله، ما أطيبك حيّا وميتا، ذكره الطبرى فى «الرياض» .

وقالت عائشة: أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح، حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس، حتى دخل على عائشة، فبصر برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو مسجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وقال: بأبى أنت وأمى، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التى كتبت عليك فقد متها «١» . رواه البخارى.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٢٤٢) فى الجنائز، باب: الدخول على الميت بعد الموت. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.