للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبى- صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من نبى إلا تقبض نفسه ثم يرى الثواب ثم ترد إليه فيخير بين أن ترد إليه إلى أن يلحق» «١» ، فكنت قد حفظت ذلك عنه، فإنى لمسندته إلى صدرى، فنظرت إليه حتى مالت عنقه، فقلت: قضى، قالت:

فعرفت الذى قال، فنظرت إليه حين ارتفع ونظر، فقلت: إذا والله لا يختارنا، فقال: مع الرفيق الأعلى فى الجنة، مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وفى البخارى من حديث عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو صحيح- يقول: «إنه لم يقبض نبى قط حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يحيّا أو يخير» ، فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غشى عليه، فلما أفاق شخص بصره نحو سقف البيت ثم قال: «اللهم فى الرفيق الأعلى» «٢» . ونبه السهيلى على أنه النكتة فى الإتيان بهذه الكملة بالإفراد، الإشارة إلى أن أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد. وفى صحيح ابن حبان عنها قالت: أغمى على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ورأسه فى حجرى. فجعلت أمسحه وأدعو له بالشفاء، فلما أفاق قال: «أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل» «٣» .

ولما احتضر- صلى الله عليه وسلم-، اشتد به الأمر، قالت عائشة: ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على النبى- صلى الله عليه وسلم-، قالت: وكان عنده قدح من ماء، فيدخل يده فى القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول: «اللهم أعنى على سكرات الموت» «٤» . وفى رواية: فجعل يقول: «لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات» «٥» .

قال بعض العلماء: فيه أن ذلك من شدة الآلام والأوجاع لرفعة منزلته.


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.