للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخير» «١» . ولأحمد أيضا، من حديث أبى مويهة قال: قال لى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أوتيت مفاتيح خزائن الأرض والخلد ثم الجنة، فخيرات بين ذلك وبين لقاء ربى فاخترت لقاء ربى والجنة» «٢» . وعند عبد الرزاق من مرسل طاووس، رفعه: «خيرات بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتى، وبين التعجيل فاخترت التعجيل» ، وفى رواية أبى بردة بن أبى موسى عن أبيه عند النسائى، وصححه ابن حبان: فقال اسأل الله الرفيق الأعلى الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل. وظاهره: أن الرفيق الأعلى، المكان الذى تحصل المرافقة فيه مع المذكورين، وقال ابن الأثير فى «النهاية» الرفيق: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، وقيل: المراد به الله تعالى، يقال: الله رفيق بعباده من الرفق والرأفة، انتهى، وقيل: المراد حظيرة القدس.

وفى كتاب «روضة التعريف بالحب الشريف» : لما تجلى له الحق ضعفت العلائق بينه وبين المحسوسات والحظوظ الضرورية من أوانى معانى الترقيات البشرية، فكانت أحواله فى زيادة الترقى، ولذلك روى أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «كل يوم لا أزداد فيه قربا من الله فلا بورك لى فى طلوع شمسه» . وكلما فارق مقاما واتصل بما هو أعلى منه لمح الأول بعين النقص، وسار على ظهر المحبة، ونعمت المطية لقطع هذه المراحل والمقامات والأحوال، والسفر إلى حضرة ذى الجلال، والاتصال بالمحبوب الذى كل شئ هالك إلا وجهه.

وقال السهيلى: الحكمة فى اختتام كلامه- صلى الله عليه وسلم- بهذه الكلمة، كونها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب، حتى يستفاد منها الرخصة لغيره أنه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان، لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع، فلا يضره إذا كان قلبه عامرا بالذكر. انتهى ملخصا.

قال الحافظ ابن رجب: وقد روى ما يدل على أنه قبض ثم رأى مقعده من الجنة ثم ردت إليه نفسه ثم خير. ففى المسند قالت- يعنى عائشة- كان


(١) أخرجه البخارى، وقد تقدم.
(٢) تقدم.