للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى قوله «لا يبقى أحد فى البيت إلا لدّ، إلخ» مشروعية القصاص فيما يصاب به الإنسان، وفيه نظر: لأن الجميع لم يتعاطوا ذلك، وإنما فعل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عما نهاهم عنه. قال ابن العربى: أراد أن لا يأتوا يوم القيامة وعليهم حقه فيقعوا فى خطيئة عظيمة. وتعقب: بأنه كان يمكن أن يقع العفو، ولأنه كان لا ينتقم لنفسه، والذى يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم لئلا يعودوا، فكان ذلك تأديبا لا اقتصاصا ولا انتقاما. قيل: وإنما كره اللدود مع أنه كان يتداوى، لأنه تحقق أنه يموت فى مرضه، ومن تحقق ذلك كره له التداوى.

قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، والذى يظهر أن ذلك كان قبل التخيير والتحقيق، وإنما أنكر التداوى لأنه كان غير ملائم لدائه، لأنهم ظنوا أن به ذات الجنب فداووه بما يلائمها، ولم يكن فيه ذلك، كما هو ظاهر فى سياق الخبر.

وعند ابن سعد قال: كانت تأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الخاصرة، فاشتدت فأغمى عليه، فلدوه، فلما أفاق قال: «كنتم ترون أن الله يسلط علىّ ذات الجنب، ما كان الله ليجعل لها على سلطانا، والله لا يبقى أحد فى البيت إلا لدّ» ، فما بقى أحد فى البيت إلا لدّ، ولددنا ميمونة وهى صائمة.

وروى أبو يعلى- بسند ضعيف فيه ابن لهيعة- من وجه آخر عن عائشة: أنه- صلى الله عليه وسلم- مات من ذات الجنب. وجمع بينهما: بأن ذات الجنب تطلق بإزاء مرضين: أحدهما: ورم حار يعرض فى الغشاء المستبطن، والآخر:

ريح محتقن بين الأضلاع، فالأول هو المنفى هنا. وقد وقع فى رواية الحاكم فى المستدرك: ذات الجنب من الشيطان، والثانى هو الذى أثبت هنا وليس فيه محذور كالأول.

وفى حديث ابن عباس عند البخارى: لما حضر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفى البيت رجال، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» ، فقال بعضهم: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا