وفى رواية عائشة بنت طلحة من الزيادة: أن عائشة لما رأت بكاها وضحكها قالت: إن كنت لأظن أن هذه المرأة من أعقل النساء، فإذا هى من النساء. ويحتمل تعدد القصة. وفى رواية عروة الجزم أنه ميت من وجعه ذلك بخلاف رواية مسروق ففيها أنه ظن ذلك بطريق الاستنباط مما ذكره من معارضة القرآن.
وقد يقال: لا منافاة بين الخبرين إلا بالزيادة، ولا يمتنع أن يكون إخباره بكونها أول أهله لحوقا به سببا لبكائها ولضحكها باعتبارين، فذكر كل من الراويين ما لم يذكره الآخر. وقد روى النسائى من طريق أبى سلمة عن عائشة فى سبب البكاء أنه ميت، وفى سبب الضحك الأمرين الآخرين.
ولابن سعد من رواية أبى سلمة عنها: أن سبب البكاء موته، وسبب الضحك لحاقها به. وعند الطبرانى- من وجه آخر- عن عائشة أنه قال لفاطمة:«إن جبريل أخبرنى أنه ليس امرأة من نساء المؤمنين أعظم رزية منك، فلا تكونى أدنى امرأة منهن صبرا» . وفى الحديث: إخباره- صلى الله عليه وسلم- بما سيقع، فوقع كما قال- صلى الله عليه وسلم-، فإنهم اتفقوا على أن فاطمة- رضى الله عنها- كانت أول من مات من أهل بيت النبى- صلى الله عليه وسلم- بعده، حتى من أزواجه- عليه الصلاة والسلام-.
وقد كان- صلى الله عليه وسلم- من شدة وجعه يغمى عليه فى مرضه ثم يفيق، وأغمى عليه مرة فظنوا أن وجعه ذات الجنب فلدوه، فجعل يشير إليهم أن لا يلدوه، فقالوا: كراهية للدواء، فلما أفاق قال:«ألم أنهكم أن تلدونى؟» فقالوا: كراهية المريض للدواء، فقال:«لا يبقى أحد فى البيت إلا لدّ وأنا أنظر، إلا العباس فإنه لم يشهدكم»«١» . رواه البخارى. واللدود، هو ما يجعل فى جانب الفم من الدواء، فأما ما يصب فى الحلق فيقال له: الوجور.
وفى الطبرانى من حديث العباس: أنهم أذابوا قسطا بزيت ولدوه به.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٤٥٨) فى المغازى، باب: مرض النبى ووفاته. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.