للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحويله، لكن لم يقدر لى قطفه، ولو أصبته، أى لو تمكنت من قطفه، ويدل عليه من قوله فى حديث عقبة بن عامر عند ابن خزيمة «أهوى بيده ليتناول شيئا» وفى حديث أسماء عند البخارى «حتى لو اجترأت عليه» وكأنه لم يؤذن له فى ذلك فلم يجترئ عليه. قال ابن بطال: لم يأخذ العنقود لأنه من طعام الجنة، وهو لا يفنى والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى. انتهى.

وفى حديث أسماء بنت أبى بكر، عند البخارى ومسلم ومالك والنسائى قال: ما من شئ كنت لم أره إلا رأيته فى مقامى هذا حتى الجنة والنار، ولقد أوحى إلىّ أنكم تفتنون فى قبوركم، مثل أو قريبا- لا أدرى أى ذلك قالت أسماء- من فتنة المسيح الدجال. يؤتى أحدكم فى قبره فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن- لا أدرى أى ذلك قالت أسماء- فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا واتبعنا، هو محمد ثلاثا، فيقال: نم صالحا، قد علمنا إن كنت لموقنا، وأما المنافق أو المرتاب- لا أدرى أى ذلك قالت أسماء- فيقول: لا أدرى، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته.

وفى رواية: فرأى امرأة تخدشها هرة، ربطتها حتى ماتت جوعا وعطشا. وفى رواية: فرأى عمرو بن مالك يجر قصبه فى النار، وكان أول من غير دين إبراهيم، ورأى فيها سارق الحاج يعذب «١» .

قوله: «قصبه» بضم القاف وسكون الصاد، أى أمعاءه. وفى رواية عائشة: ثم قال: «يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزنى عبده أو تزنى أمته، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ألا هل بلغت» «٢» .

أى لو تعلمون من عظم انتقام الله من أهل الجرائم وشدة عقابه وأهوال


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٥٣) فى الجمعة، باب: صلاة النساء مع الرجال فى الكسوف، من حديث أسماء بنت أبى بكر، - رضى الله عنهما-.
(٢) صحيح: وقد تقدم.