للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ويؤخذ من هذا الحديث، أن كل ما يرى فى القميص من حسن أو غيره فإنه يعبر بدين لابسه، والنكتة فى القميص أن لابسه إذا اختار نزعه، وإذا اختار أبقاه، فلما ألبس الله المؤمنين لباس الإيمان واتصفوا به كان الكامل فى ذلك سابغ الأثواب، ومن لا فلا، وقد يكون نقص الثوب بسبب نقص الإيمان، وقد يكون بسبب نقص العمل. وفى الحديث: أن أهل الدين يتفاضلون فى الدين بالقلة والكثرة، وبالقوة والضعف، وهذا من أمثلة ما يحمد فى المنام ويذم فى اليقظة شرعا، أعنى جر القميص، لما روى من الوعيد فى تطويله.

ومن ذلك رؤيته- صلى الله عليه وسلم- السوارين الذهب فى يده الشريفة وتعبيرهما بالكذابين. روى البخارى عن عبيد الله بن عبد الله قال: سألت عبد الله بن عباس عن رؤيا النبى- صلى الله عليه وسلم- التى ذكر فقال ابن عباس ذكر لى أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «بينا أنا نائم إذ رأيت أنه وضع فى يدىّ سواران من ذهب فقطعتهما وكرهتهما، فأذن لى فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان» «١» . فقال عبيد الله: أحدهما العنسى الذى قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة.

وفى رواية أبى هريرة عند الشيخين: «بينا أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض فوضع فى يدىّ سواران من ذهب، فكبرا على وأهمانى، فأوحى إلىّ أن أنفخهما، فأولتهما الكذابين أنا بينهما، صاحب صنعاء وصاحب اليمامة» «٢» . قال المهلب: هذه الرؤيا ليست على وجهها، وإنما هى ضرب من المثل، وإنما أول النبى- صلى الله عليه وسلم- السوارين بالكذابين لأن الكذب وضع الشئ فى غير موضعه، فلما رأى فى يديه سوارين من ذهب وليسا من لبسه، لأنهما من حلية النساء، عرف أنه سيظهر من يدعى ما ليس له.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٣٧٥) فى المغازى، باب: وفد بنى حنيفة، ومسلم (٢٢٧٣) فى الرؤيا، باب: رؤيا النبى- صلى الله عليه وسلم-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٧٠٣٧) فى التعبير، باب: النفخ فى المنام، ومسلم (٢٢٧٤) فى الرؤيا، باب: رؤيا النبى- صلى الله عليه وسلم-.