للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى من حديث أنس مرفوعا: «الرؤيا لأول عابر» «١» . وهو حديث ضعيف، فيه يزيد الرقاشى، ولكن له شاهد أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه، بسند حسن، وصححه الحاكم عن أبى رزين العقيلى رفعه:

«الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت» «٢» .

وعند الدارمى بسند حسن عن سليمان بن يسار عن عائشة قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر يختلف فى التجارة، فأتت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن زوجى غائب، وتركنى حاملا، فرأيت فى منامى أن سارية بيتى انكسرت وأنى ولدت غلاما أعور، فقال: «خير يرجع زوجك إن شاء الله تعالى صالحا، وتلدين غلاما برّا» ، فذكرت ذلك ثلاثا، فجاءت ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- غائب، فسألتها فأخبرتنى بالمنام، فقلت لها: لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك، وتلدين غلاما فاجرا، فقعدت تبكى، فجاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: «مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها» «٣» .

وعند سعيد بن منصور بن مرسل عطاء بن أبى رباح: جاءت امرأة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: إنى رأيت كأن جائزة بيتى انكسرت، وكان زوجها غائبا، قال: «رد الله عليك زوجك، فرجع سالما» «٤» الحديث. قال أبو عبيد وغيره: معنى قوله: «الرؤيا لأول عابر» إذا كان العابر الأول عالما، فعبر وأصاب وجه التعبير، وإلا فهى لمن أصاب بعده، إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب فى تعبير المنام ليتوصل بذلك إلى مراد الله تعالى فيما ضربه من المثل، فإن أصاب فلا ينبغى أن يسأل غيره، وإن لم يصب فليسأل الثانى، وعليه أن يخبر بما عنده ويبين ما جهل الأول. هكذا قال، وفيه بحث يطول ذكره.


(١) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٣٩١٥) فى تعبير الرؤيا، باب: علام تعبر به الرؤيا، من حديث أنس، وفيه يزيد بن أبان الرقاشى، وهو ضعيف.
(٢) صحيح: وقد تقدم، وطرفه «ولا يقصها إلا على واد» .
(٣) أخرجه الدارمى (٢١٦٣) ، وذكره الحافظ فى «الفتح» (١٢/ ٤٣٣) وقال: سنده حسن.
(٤) ذكره الحافظ فى «الفتح» (١٢/ ٤٣٣) وقال: سنده صحيح عن عطاء.