للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عموم قوله فى حديث أبى هريرة: «ولا يقربك شيطان» فيتجه، قال: وينبغى أن يقرأها فى صلاته المذكورة.

وحكمة التفل- كما قال القاضى عياض- أمر به طردا للشيطان الذى حضر الرؤيا المكروهة، تحقيرا له واستقذارا، وخصت به اليسار لأنها محل الأقذار ونحوها، والتثليث للتأكيد. وقد ورد التفل والنفث والبصق، قال النووى فى الكلام على النفث على الرقية- تبعا للقاضى عياض-: اختلف فى التفل والنفث، فقيل: هما بمعنى واحد لا يكونان إلا بريق. وقال أبو عبيد:

يشترط فى التفل ريق يسير، ولا يكون فى النفث، وقيل عكسه. وسئلت عائشة عن النفث فى الرقية فقالت: كما ينفث آكل الزبيب، لا ريق معه.

قال: ولا اعتبار بما يخرج معه من بلة بغير قصد. قال: وقد جاء فى حديث أبى سعيد فى الرقية بفاتحة الكتاب: فجعل يجمع بزاقه.

قال القاضى: وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية المقارن للذكر الحسن، كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء.

وقال النووى أيضا: وأكثر الروايات فى الرؤية «فلينفث» وهو النفخ اللطيف بلا ريق، فيكون التفل والبصق محمولين عليه مجازا. وتعقبه الحافظ ابن حجر: بأن المطلوب فى الموضعين مختلف، لأن المطلوب فى الرقية التبرك برطوبة الذكر كما تقدم، والمطلوب هنا طرد الشيطان، وإظهار احتقاره واستقذاره كما نقله هو عن عياض كما تقدم.

فالذى يجمع الثلاثة، الحمل على التفل، فإنه نفخ معه ريق لطيف، فبالنظر إلى النفخ قيل له نفث، وبالنظر إلى الريق قيل له بصق. وأما قوله:

«فإنها لا تضره» فمعناه- كما قاله النووى-: أن الله تعالى جعل ما ذكر سبب للسلامة من المكروه المرتب على الرؤيا، كما جعل الصدقة وقاية للمال، وأما التحول، فللتفاؤل بتحول تلك الحال التى كان عليها.

والحكمة فى قوله فى الرؤيا الحسنة: «ولا يخبر بها إلا من يحب» لأنه إذا حدث بها من لا يحب قد يفسرها له بما لا يحب، إما بغضا وإما حسدا، فقد تقع على تلك الصفة، أو يتعجل لنفسه من ذلك حزنا ونكدا فأمر بترك تحديث من لا يحب بسبب ذلك.