للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن آداب المعبر، ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر أنه كتب إلى أبى موسى: فإذا رأى أحدكم رؤيا فقصها على أخيه فليقل: خير لنا وشر لأعدائنا. ورجاله ثقات، ولكن سنده منقطع. وفى حديث ابن زمل «١» عند الطبرانى والبيهقى فى الدلائل: لما قص على النبى- صلى الله عليه وسلم- رؤياه، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «خير تتلقاه وشر تتوقاه، وخير لنا وشر على أعدائنا والحمد لله رب العالمين اقصص على رؤياك» «٢» الحديث، وسنده ضعيف جدّا، ويأتى- إن شاء الله تعالى-. ومن آداب المعبر أن لا يعبرها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها، ولا عند الزوال، ولا فى الليل، وأن لا يقصها على امرأة، لكن ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى الغداة يقول: «هل رأى أحد الليلة رؤيا» «٣» ، فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، ويعبر لهم ما يقصون، وبوب عليه البخارى: باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح.

قالوا: وفيه إشارة إلى ضعف ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن عن بعض علمائهم قال: لا تقص رؤياك على امرأة، ولا تخبر بها حتى تطلع الشمس، وفيه إشارة إلى الرد على من قال من أهل التعبير: إن المستحب أن يكون التعبير من بعد طلوع الشمس إلى الرابعة، ومن العصر إلى قبل الغروب، فإن الحديث دل على استحباب تعبيرها قبل طلوع الشمس، فلا يخالف قولهم بكراهة تعبيرها فى أوقات كراهة الصلاة.

قال المهلب «٤» : تعبير الرؤيا عند صلاة الصبح أولى من غيره من الأوقات، لحفظ صاحبها لها لقرب عهده بها، وقبل ما يعرض له نسيانها، ولحضور ذهن العابر وقلة شغله بالفكرة فيما يتعلق بمعاشه، وليعرف الرائى ما


(١) ذكره الحافظ فى «اللسان» (٣/ ٢٨٧) وقال: تابعى أرسل ولا يكاد يعرف، ليس بمعتمد، وقال ابن حبان فى الثقات، يقال له صحبة.
(٢) ضعيف: وهو جزء من حديث طويل أخرجه الطبرانى فى «الكبير» (٨/ ٣٠٢) ، والبيهقى فى «الدلائل» (٧/ ٣٦- ٣٨) .
(٣) الحديث أخرجه البخارى (٧٠٤٧) فى التعبير، باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح.
(٤) هو: المهلب بن أحمد بن أبى صفرة الأسدى الأندلسى المريى، مصنف «شرح صحيح البخارى» ، كان أحد الأئمة الفصحاء الموصوفين بالذكاء، وتوفى سنة ٤٣٥ هـ.