للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت: أنا أول هذه الأمة سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن هذا فقلت: يا رسول الله، هل رأيت ربك؟ فقال: لا، إنما رأيت جبريل منهبطا.

نعم، احتجاج عائشة- رضى الله عنها- بالآية، خالفها فيه ابن عباس. فأخرج الترمذى من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: (رأى محمد ربه، فقلت: أليس يقول الله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «١» قال: ويحك، ذاك إذا تجلى بنوره الذى هو نوره، وقد رأى ربه مرتين) «٢» . وقال القرطبى:

«الأبصار» فى الآية جمع محلى بالألف واللام، فيقبل التخصيص، وقد ثبت دليل ذلك سمعا فى قوله تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «٣» فيكون المراد: الكفار، بدليل قوله فى الآية الآخرى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «٤» ، وإذا جازت فى الآخرة جازت فى الدنيا لتساوى الوقتين بالنسبة إلى المرئى، انتهى وهو استدلال جيد.

وقال القاضى عياض: رؤية الله تعالى جائزة عقلا، وليس فى العقل ما يحيلها، والدليل على جوازها: سؤال موسى- عليه السّلام- لها، ثم قال: وليس فى الشرع دليل قاطع على استحالتها ولا امتناعها، إذ كل موجود فرؤيته جائزة غير مستحيلة، ولا حجة لمن استدل على منعها بقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «٥» لاختلاف التأويلات فى الآية «٦» ، انتهى.

وقد روى ابن أبى حاتم بسنده عن إسماعيل بن علية فى تأويل هذه الآية قال: هذا فى الدنيا. وقال آخرون: لا تدركه الأبصار، أى جميعها،


(١) سورة الأنعام: ١٠٣.
(٢) ضعيف: أخرجه الترمذى (٣٢٧٩) فى التفسير، باب: ومن سورة النجم، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن الترمذى» .
(٣) سورة المطففين: ١٥.
(٤) سورة القيامة: ٢٢، ٢٣.
(٥) سورة الأنعام: ١٠٣.
(٦) قلت: وأين دخل العقل فى هذا الموضوع، ثم ثانيا: ما هو الدليل الذى اعتمد عليه فى هذا الفهم!.