للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسراء. فروى البخارى من حديث مسروق قال: (قلت لعائشة: يا أمتاه، هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قف شعرى مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدث لهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «١» وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ «٢» ومن حدثك أنه يعلم ما فى غد فقد كذب، ثم قرأت وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً «٣» ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم قرأت يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «٤» الآية، [ولكن] رأى جبريل فى صورته مرتين) .

وفى رواية مسلم (من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية) «٥» .

وقولها: «قف شعرى» أى قام من الفزع، لما حصل عندها من هيبة الله، واعتقدته من تنزيهه واستحالة وقوع ذلك. قال النووى- تبعا لغيره-: لم تنف عائشة وقوع الرؤية بحديث مرفوع، ولو كان معها لذكرته، وإنما اعتمدت الاستنباط على ما ذكرته من ظاهر الآية، وقد خالفها غيرها من الصحابة، والصحابى إذا قال قولا وخالفه غيره منهم لم يكن ذلك القول حجة اتفاقا، انتهى.

قال الحافظ أبو الفضل العسقلانى: جزمه بأن عائشة لم تنف الرؤية بحديث مرفوع، تبع فيه ابن خزيمة، وهو عجيب، فقد ثبت عنها فى صحيح مسلم- الذى شرحه الشيخ- فعنده من طريق داود بن أبى هند عن الشعبى عن مسروق، فى الطريق المذكورة، قال مسروق: وكنت متكئا فجلست، فقلت: ألم يقل الله: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى «٦» .


(١) سورة الأنعام: ١٠٣.
(٢) سورة الشورى: ٥١.
(٣) سورة لقمان: ٣٤.
(٤) سورة المائدة: ٦٧.
(٥) صحيح: وقد تقدم.
(٦) سورة النجم: ١٣.