للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله، فسكن لذلك قلقى، وهدأ روعى، فكان اسمك لقاحا لقلبى، وطمأنينة لسرى، فهذه بركة كتابة اسمك على، فكيف إذا وقع جميل نظرك إلى، يا محمد أنت المرسل رحمة للعالمين، ولا بد لى من نصيب من هذه الرحمة، ونصيبى يا حبيبى أن تشهد لى بالبراءة مما نسبه أهل الزور إلى، وتقوله أهل الغرور على، زعموا: أنى أسع من لا مثيل له، وأحيط بمن لا كيفية له. يا محمد، من لا حدّ لذاته، ولا عدّ لصفاته كيف يكون مفتقرا إلى؟ أو محمولا على؟ إذا كان الرحمن اسمه، والاستواء صفته وصفته متصلة بذاته فكيف يتصل بى أو ينفصل عنى؟ يا محمد، وعزته، لست بالقريب منه وصلا، ولا بالبعيد عنه فصلا، ولا بالمطيق له حملا، أو جدنى رحمة منه وفضلا، ولو محقنى لكان حقّا منه، وعدلا، يا محمد، أنا محمول قدرته، ومعمول حكمته.

فأجاب لسان حال سيدى، زاده الله فضلا وشرفا لديه، ووالى صلاته وسلامه عليه: أيها العرش إليك عنى، أنا مشغول عنك، فلا تكدر على صفوتى، ولا تشوش على خلوتى، فما أعاره- صلى الله عليه وسلم- منه طرفا، ولا أقرأه من مسطور ما أوحى إليه حرفا، ما زاغ البصر وما طغى.

وقد ورد فى بعض أخبار الإسراء مما ذكره العلامة ابن مرزوق فى شرحه لبردة المديح: أنه- صلى الله عليه وسلم- لما كان من ربه تعالى قاب قوسين قال: اللهم إنك عذبت الأمم بعضهم بالحجارة وبعضهم بالخسف، وبعضهم بالمسخ، فما أنت فاعل بأمتى؟ قال: أنزل عليهم الرحمة وأبدل سيئاتهم حسنات، ومن دعانى منهم لبيته، ومن سألنى أعطيته، ومن توكل على كفيته، وفى الدنيا أستر على العصاة، وفى الآخرة أشفعك فيهم، ولولا أن الحبيب يحب معاتبة حبيبه لما حاسبت أمتك. ولما أراد- صلى الله عليه وسلم- الانصراف قال: يا رب، لكل قادم من سفره تحفة، فما تحفة أمتى؟ قال الله تعالى: أنا لهم ما عاشوا، وأنا لهم إذا ماتوا، وأنا لهم فى القبور، وأنا لهم فى النشور.

واعلم أنه قد اختلف العلماء قديما وحديثا فى رؤيته- صلى الله عليه وسلم- لربه ليلة