وفى رواية: فتقدمت وجبريل على أثرى، حتى انتهى بى إلى حجاب فراش الذهب فحرك الحجاب، فقيل من هذا؟ قال: أنا جبريل ومعى محمد- صلى الله عليه وسلم- فقال الملك: الله أكبر، فأخرج يده من تحت الحجاب فاحتملنى فوضعنى بين يديه فى أسرع من طرفة عين، وغلظ الحجاب مسيرة خمسمائة عام، فقال لى: تقدم يا محمد، فمضيت فانطلق بى الملك فى أسرع من طرفة عين إلى حجاب اللؤلؤ، فحرك الحجاب، فقال الملك من وراء الحجاب: من هذا؟ فقال أنا فلان صاحب حجاب الذهب، وهذا محمد- صلى الله عليه وسلم- رسول رب العزة معى، فقال: الله أكبر، فأخرج يده من تحت الحجاب فاحتملنى حتى وضعنى بين يديه، فلم أزل كذلك من حجاب إلى حجاب، حتى جاوزت سبعين حجابا، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام، فقال لى: تقدم يا محمد، فمضيت فانطلق بى الملك، ثم دلى لى رفرف أخضر يغلب ضوؤه ضوء الشمس، فالتمع بصرى، ووضعت على ذلك الرفرف، ثم احتملت حتى وصلت إلى العرش، فأبصرت أمرا عظيما لا تناله الألسن، ثم دلى لى قطرة من العرش، فوقعت على لسانى، فما ذاق الذائقون شيئا قط أحلى منها، فأنبأنى الله بها نبأ الأولين والآخرين، ونور قلبى، وغشى نور عرشه بصرى فلم أر شيئا فجعلت أرى بقلبى ولا أرى بعينى، ورأيت من خلفى ومن بين كتفى، كما رأيت أمامى، الحديث. رواه والذى قبله فى كتاب «شفاء الصدور» كما ذكره ابن غالب والعهدة عليه فى ذلك.
وتكثير الحجب لم يرد فى طريق صحيح، ولم يصح فى ذلك غير ما فى مسلم:(حجابه النور)«١» . والرفرف: البساط، وقيل إنه فى الأصل ما كان من الديباج وغيره رقيقا حسن الصنعة ثم اتسع فيه.
واعلم أن ما ذكر فى هذا المحل الرفيع من الحجب فهو فى حق المخلوق، لا فى حق الخالق عز وجل، والله سبحانه وتعالى منزه عما
(١) صحيح: وورد ذلك فى حديث أخرجه مسلم (١٧٩) فى الإيمان، باب: فى قوله- عليه السّلام-: «إن الله لا ينام» ، وفى قوله: «حجابه النور» ، من حديث أبى موسى- رضى الله عنه-.