للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجيبه، فوضع يده بين كتفى- بلا تكييف ولا تحديد- فوجدت بردها بين ثديى، فأورثنى علم الأولين والآخرين، وعلمنى علوما شتى، فعلم أخذ على كتمانه إذ علم أنه لا يقدر على حمله أحد غيرى، وعلم خيرنى فيه، وعلمنى القرآن فكان جبريل- عليه السّلام- يذكرنى به، وعلم أمرنى بتبليغه إلى العام والخاص من أمتى. ولقد عاجلت جبريل- عليه السّلام- فى آية نزل بها على، فعاتبنى ربى وأنزل على وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً «١» ، ثم قلت: اللهم إنه لما لحقنى استيحاش قبل قدومى عليك سمعت مناديا ينادى بلغة تشبه لغة أبى بكر فقال لى: قف إن ربك يصلى «٢» ، فعجبت من هاتين، هل سبقنى أبو بكر إلى المقام؟ وإن ربى لغنى عن أن يصلى، فقال تعالى: أنا الغنى عن أن أصلى لأحد، وإنما أقول:

سبحانى سبحانى، سبقت رحمتى غضبى، اقرأ يا محمد: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً «٣» ، فصلاتى رحمة لك ولأمتك، وأما أمر صاحبك يا محمد، فإن أخاك موسى كان أنسه بالعصا، فلما أردنا كلامه قلنا: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ «٤» ، وشغل بذكر العصا عن عظيم الهيبة. وكذلك أنت يا محمد، لما كان أنسك بصاحبك أبى بكر وأنك خلقت أنت وهو من طينة واحدة، وهو أنيسك فى الدنيا والآخرة، خلقنا ملكا على صورته يناديك بلغته ليزول عنك الاستيحاش، فلا يلحقك من عظيم الهيبة ما يقطعك عن فهم ما يراد منك. ثم قال الله تعالى: وأين حاجة جبريل؟ فقلت: اللهم إنك أعلم، فقال: يا محمد، قد أجبته فيما سأل، ولكن فيمن أحبك وصحبك.


(١) سورة طه: ١١٤.
(٢) حديث باطل مكذوب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وكان أولى بالمؤلف أن يضرب عليه، ويكتفى بما ثبت فى موضوع الإسراء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ففيه الغنية عن كل ضعيف وموضوع.
(٣) سورة الأحزاب: ٤٣.
(٤) سورة طه: ١٧، ١٨.