للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمرة عن وجه اختصاص كل واحد منهم بسماء: بأن الحكمة فى كون آدم فى السماء الدنيا لأنه أول الأنبياء وأول الآباء، وهو الأصل، ولأجل تأنيس النبوة بالأبوة. وأما عيسى فإنما كان فى السماء الثانية لأنه أقرب الأنبياء إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-، ولا انمحت شريعة عيسى- عليه السّلام- إلا بشريعة محمد- صلى الله عليه وسلم-، ولأنه ينزل فى آخر الزمان لأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- على شريعته ويحكم بها، ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم-: «أنا أولى الناس بعيسى» «١» فكان فى الثانية لأجل هذا المعنى.

وإنما كان يحيى- عليه السّلام- معه هناك لأنه ابن خالته، وهما كالشىء الواحد، فلأجل التزام أحدهما بالآخر كانا هناك معا.

وإنما كان يوسف- عليه السّلام- فى السماء الثالثة لأن على حسنه تدخل أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- الجنة، فأرى له هناك لكى يكون ذلك بشارة له- صلى الله عليه وسلم- فيسر بذلك.

وإنما كان إدريس- عليه السّلام- فى السماء الرابعة لأنه هناك توفى ولم تكن له تربة فى الأرض على ما ذكر «٢» .

وإنما كان هارون- عليه السّلام- فى السماء الخامسة لأنه ملازم لموسى- عليه السّلام- لأجل أنه أخوه وخليفته فى قومه، فكان هناك لأجل هذا المعنى.

وإنما لم يكن مع موسى فى السماء السادسة لأن لموسى مزيه وحرمة وهى كونه كليما، واختص بأشياء لم تكن لهارون فلأجل هذا المعنى لم يكن معه فى السادسة. وإنما كان موسى- عليه السّلام- فى السماء السادسة لأجل ما اختص به من الفضائل، ولأنه الكليم، وهو أكثر الأنبياء أتباعا بعد نبينا- صلى الله عليه وسلم-.

وإنما كان إبراهيم- عليه السّلام- فى السماء السابعة لأنه الخليل والأب الأخير فناسب أن يتجدد للنبى- صلى الله عليه وسلم- بلقياه أنس، لتوجهه بعده إلى عالم آخر،


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٤٤٢) فى أحاديث الأنبياء، باب: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها، ومسلم (٢٣٦٥) فى الفضائل، باب: فضائل عيسى- عليه السّلام-، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٢) قلت: وأين ذكر ذلك؟!.