للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجيب: عن الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء، بأنهم أمروا بملاقات نبينا- صلى الله عليه وسلم-، فمنهم من أدركه فى أول وهلة، ومنهم من تأخر فلحقه، ومنهم من فاته. وقيل: إشارة إلى ما سيقع له- صلى الله عليه وسلم- مع قومه، من نظير ما وقع لكل منهم:

فأما آدم- عليه السّلام- فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة إلى الأرض، بما سيقع لنبينا- صلى الله عليه وسلم- من الهجرة إلى المدينة، والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقة، وكراهة فراق ما ألفه من الوطن، ثم كان عاقبة كل منهما أن يرجع إلى وطنه الذى خرج منه.

وبعيسى ويحيى- عليهما السلام- على ما وقع له أول الهجرة من عداوة اليهود وتماديهم على البغى عليه، وإرادتهم السوء به.

وبيوسف، بما وقع له من إخوته على ما وقع لنبينا- صلى الله عليه وسلم- من قريش، من نصبهم الحرب له، وإرادتهم إهلاكه، وكانت العاقبة له، وقد أشار- صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك يوم الفتح بقوله لقريش: «أقول لكم كما قال يوسف:

لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء» «١» ، أى العتقاء.

وبإدريس على رفيع منزلته عند الله تعالى.

وبهارون على أن قومه رجعوا إلى محبته بعد أن آذوه.

وبموسى على ما وقع له من معالجة قومه، وقد أشار إلى ذلك- صلى الله عليه وسلم-، بقوله: «لقد أوذى موسى بأكثر من هذا فصبر» «٢» .

وبإبراهيم فى استناده إلى البيت المعمور بما ختم له- صلى الله عليه وسلم- فى آخر عمره من إقامة مناسك الحج، وتعظيم البيت الحرام. وأجاب العارف ابن أبى


(١) ضعيف: رواه ابن الجوزى فى الوفاء من طريق ابن أبى الدنيا وفيه ضعف، قاله العراقى فى «تخريج أحاديث الإحياء» (٣/ ١٧٩) .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣١٥٠) فى الخمس، باب: ما كان النبى- صلى الله عليه وسلم- يعطى المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، ومسلم (١٠٦٢) فى الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، من حديث عبد الله بن مسعود- رضى الله عنه-.