للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو اختراق الحجب، وأيضا لأنه الخليل، ولا أحد أفضل من الخليل إلا الحبيب، والحبيب ها هو قد علا ذلك المقام فكان الخليل فوق الكل لأجل خلته وفضله، وارتفع الحبيب فوق الكل لأجل ما اختص به بما زاد به عليهم، قال الله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ «١» فحصل لهم الكمال والدرجة الرفيعة وهى درجة الرسالة والنبوة، ورفعوا بعضهم فوق بعض بمقتضى الحكمة ترفيعا للمرفوع دون تنقيص بالمنزول. انتهى فليتأمل.

وقد اختلف فى رؤية نبينا- صلى الله عليه وسلم- لهؤلاء الأنبياء- عليهم السلام-، فحمله بعضهم على رؤية أرواحهم إلا عيسى، لما ثبت من رفع جسده. وقد قيل فى إدريس أيضا ذلك.

وأما الذين صلوا معه فى بيت المقدس، فيحتمل، الأرواح خاصة، ويحتمل: الأجساد بأرواحها.

وقيل: يحتمل أن يكون- صلى الله عليه وسلم- عاين كل واحد منهم فى قبره فى الأرض على الصورة التى أخبر بها من الموضع الذى ذكر أنه عاينه فيه، فيكون الله عز وجل قد أعطاه من القوة فى البصر والبصيرة ما أدرك به ذلك، ويشهد له رؤيته- صلى الله عليه وسلم- الجنة والنار فى عرض الحائط وهو محتمل لأن يكون- صلى الله عليه وسلم- رآهما فى ذلك الموضع أو مثل له صورتهما فى عرض الحائط، والقدرة الصالحة لكليهما.

وقيل: يحتمل أن يكون الله سبحانه وتعالى لما أراد بإسراء نبينا- صلى الله عليه وسلم-، رفعهم من قبورهم لتلك المواضع إكراما لنبيه- صلى الله عليه وسلم- وتعظيما له حتى يحصل له من قبلهم ما أشرنا إليه من الأنس والبشارة، وغير ذلك مما لم نشر إليه ولا نعلمه نحن. وكل هذه الوجوه محتمل، ولا ترجيح لأحدها على الآخر إذ القدرة صالحة لكل ذلك. انتهى.

وأما قوله فى الحديث: (ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل


(١) سورة البقرة: ٢٥٣.
[ (٢) تقدم.]