للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وقع فى حديث أبى هريرة عند الطبرانى فى ذكر إبراهيم: فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسى «١» . وفى رواية مسلم من حديث ثابت عن أنس: ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم- عليه السّلام- مسندا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، وفيه: فإذا أنا بيوسف، وإذا هو قد أعطى شطر الحسن «٢» .

وفى حديث أبى سعيد عند البيهقى، وأبى هريرة عند الطبرانى: فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله: قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب. وهذا ظاهره أن يوسف- عليه السّلام- كان أحسن من جميع الناس، لكن روى الترمذى من حديث أنس: «ما بعث الله نبيّا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا» «٣» .

فعلى هذا يحمل حديث المعراج على أن المراد غير النبى- صلى الله عليه وسلم-. ويؤيده قول من قال: إن المتكلم لا يدخل فى عموم خطابه. وحمل ابن المنير حديث الباب على أن المراد: أن يوسف أعطى شطر الحسن الذى أوتيه نبينا- صلى الله عليه وسلم-.

وأما قوله فى الحديث عن إدريس: ثم قال: (مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح) فيحمل على أخوة النبوة والإسلام، لأنها تجمع الوالد والولد، وقال ابن المنير: وفى طريق شاذة: مرحبا بالابن الصالح، وهذه هى القياس، لأنه جده الأعلى. وقيل: أن إدريس الذى لقيه ليس هو الجد المشهور، ولكنه إلياس، فإن كان كذلك ارتفع الإشكال.

فإن قلت: لم كان هؤلاء الأنبياء- عليهم السلام- فى السماوات دون غيرهم من الأنبياء؟ وما وجه اختصاص كل واحد منهم بسماء تخصه؟ ولم كان فى السماء الثانية بخصوصها اثنان.


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه ابن مردويه وأبو سعيد الأعرابى فى معجمه والخرائطى فى اعتلال القلوب، من حديث على- رضى الله عنه-، كما فى «كنز العمال» (١٨٥٥٩) .