للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ضرب ستة في أربعة أربعة وعشرون ضربا. وأعلم أن للعبد قدرة مؤثرة بإذن الله تعالى على الوفاء بما عاهد وعاقد عليه لا أنه لا قدرة له أصلا، ينقض ما عاهد وما عاقد ويقول هكذا مراد الله أو ما أراد الله أن أوفي بذلك كما تقول الجبرية، ولا أن يقول أن لي قدرة مقارنة غير مؤثرة كما هو المشهور عند الأشعرية، ولا يقول إن لي قدرة مؤثرة وإن لم يأذن الله تعالى كما يقوله المعتزلة، وإن لي اختيارا أعطيته بعد طلب استعداده الثابت في علم الله تعالى له، فللعبد في هذا المذهب اختيار والعبد مجبور فيه، بمعنى أنه لا بد من أن يكون له فعل فيه، لأن استعداده الأزلي غير المجعول قد طلبه من الجواد الكريم المطلق الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها، والإثابة والتعذيب إنما يترتبان على الخير والشر الثابت في نفس الأمر والخير والشر يدلان على ذلك مثل دلالة الأثر على المؤثر والغاية على ذي الغاية، قال تعالى: َ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

الآية ٣٤ من سورة النحل في ج ٢ ومن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

هذا، وقد قال ابن المنير إن أهل السنة والجماعة عن الإجبار بمعزل لأنهم يثبتون للعبد قدرة واختيارا وأفعالا وهم مع ذلك يوحدون الله تعالى حق توحيده فيجعلون قدرته سبحانه هي الموجدة والمؤثرة، وقدرة العبد مقارنة فحسب، وبذلك يميز بين الاختياري والقسري، وتقوم حجة الله على عباده، ولهذا يعاقب العبد على فعله ويؤجر لأنه إذا فعل الشرّ كالشرب والزنى مثلا فإنه فعلهما عن اختيار ورغبة لا عن إكراه. وكراهية، ولأنه حينما فعلهما كان عالما بأنه يعذب عليهما لأن ذلك لا يعرف إلا بعد وقوع الشيء وإلا لما استحق العذاب ولا السؤال، فلا حجة للعبد بقوله مقدر علي وإنه لو شاء الله لمنعني من فعله، اقتداء بمن سبقه من الكفرة الذين يتقولون بذلك راجع الآية ١٤٠ من سورة الأنعام والآية ٣٥ من سورة النحل في ج ٢ اه. من روح المعاني للآلوسي، وليعلم أن الأمة الإسلامية خير من يراعي العهود ويحافظ عليها ويفي بالوعود ويقوم بها، وكان حضرة الرسول الأعظم هو القدوة الحسنة والمثل الأعلى لأمته في ذلك، ولهذا رأيت أن أذكر نوعا من معاهدات الصلح التي عقدها عليه الصلاة والسلام على أثر انتهاء حروبه مع أهل الكتاب وغيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>