للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلهم عفوا، لأن فيه عدم الاعتماد على الله تعالى في أن يرزقهم وإطاعة للشيطان فيما يلقيه في قلوبهم من خوف الفقر، قال تعالى (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) الآية ١٢٩ من البقرة في ج ٣، وقال تعالى (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً) الآية ٢٥ من سورة النساء في ج ٣، فانظروا أيها الناس أيهما تختارون، اتباع الله المتكفل بأرزاقكم، أم الشيطان الذي يخوفكم الفقر، وإنما كان قتلهن أعظم وزرا من القتل العفو لأن القتل يقع عادة بين الناس لعداوة أو انتقام، أو حالة المقابلة بالغزو وغيره، وليس فيه عدم الاعتماد على الله، تأمل قول الفائل:

لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف

وإن تولت فأحرى أن تجود بها ... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف

قال تعالى «وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى» نهى الله تعالى عن قربانه فضلا عن إتيانه مبالغة في التجنّب عنه والتباعد عن التعرض لأسبابه من الإشارة واللمس والغمز والقرص والقبلة والعضّ حتى النظرة الثانية إذا كانت الأولى غير مقصودة، لأن النظر هو أول مبادثه، ولذلك نهى الله تعالى المؤمنين والمؤمنات عنه كما سيأتي في الآيتين ٣١ و ٣٢ من سورة النور في ج ٣، «إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً» قبيحة فظيعة زائدة عن حد الشرع لما فيها من التعدي الشنيع على الغير وتضييع النسب، ومن لا نسب له ميت حكما «وَساءَ سَبِيلًا» ٣٢ ذلك السبيل لأن الالتقاء بطريقة الزنى يسبب انقطاع النسل وهو سبب خراب العالم لأن المجتمع الإنساني لا يقوم إلا بالنكاح المسبب عنه كثرة النسل قال صلّى الله عليه وسلم تناكحوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم. ولهذه الحكمة أبيح تعدد الزوجات لأن في الكثرة عز ومنعة وقوة وسيطرة على أعداء الله وفي عدمه القلة الناشئ عنها الذلة والضعف والمسكنة للإعداء، قال صلّى الله عليه وسلم إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كاظلة، فإذا تاب ونزع رجع إليه. وفي رواية الشيخين لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. أي متوغل الإيمان في قلبه إذ يمنعه عنه، أما من كان يدعي الإيمان أو الإسلام دون التقيد بأحكامهما فلا يمنعانه من ارتكاب جميع المحرمات لأنهما صوريّان، والله تعالى لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم، وقال صلّى الله عليه وسلم إياكم والزنى فإن فيه ست خصال، ثلاث

<<  <  ج: ص:  >  >>