للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإني على الإملاق يا قوم ماجد ... أعد لأضيافي الشواء المصهّبا

وهذا النهي بحسب ظاهر الآية عن قتل الذكور والإناث، لأن لفظ الولد يتناولهما، لكن الشائع أن الجاهليين كانوا يئدون البنات فقط مخافة النهب والسبي أو مخافة أن يأخذن غير كفؤ وذلك جار عندهم، ومنهم من يئد مخافة العجز عن الإنفاق، فنهى الله في هذه الآية من كانت هذه عادتهم عن ذلك، وعليه فيكون المراد بالأولاد البنات، وبالقتل الوأد خشية العار والقتل مخافة الفقر والله أعلم.

وأصل الخشية خوف يشوبه تعظيم ويكون عن علم بما يخشى منه، «نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ» هذا ضمان من الله تعالى لرزقهم وتعليل للنهي عن قتلهن، أما النهب والسبي فهو أمر قسري وكل ما يقسر عليه لا عار فيه، كما أن ما يكره عليه لا يتم؟؟؟ فيه، أما الكفاءة فهي في الإسلام متقاربة ولو فرض عدم توفرها، فإنه لا يستوجب القتل وقد أجاز الشرع للولي طلب فسخ النكاح فيها كما أجاز له الإقرار عليها، وإذا كان الله تعالى تعهد بالرزق فلا ينبغي أن يخشى من الفقر لإطعام العاجزات عن طلب الرزق، وسيأتي في الآية ١٥٠ من سورة الأنعام في ج ٢ في نظير هذه الآية تقديم ضمير الأولاد على ضمير المخاطبين عكس ما في هذه الآية وذلك التقديم للإشعار بأصالتهم في افاضة الرزق، وعارض هذه النكتة في آية الأنعام تقدم ما يستدعي الاعتناء بشأن المخاطبين، لأن الباعث على القتل فيها الإملاق الناجز، ولذلك قيل من إملاق، وهنا الإملاق المتوقع، ولذلك قيل فيها خشية إملاق، فكأنه قيل نرزقهم من غير أن ينقص من رزقكم شيء فيعتريكم ما تخشونه ونرزقكم أنتم أيضا رزقا إلى رزقكم «إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً» لذلك السبب المزعوم المبتني على قلة يقينكم بالرازق وترهمكم ذلك «كَبِيراً ٣١» إثمه عظيما تخطره، والإثم والخطأ بمعنى واحد، ومن قرأ خطا بفتح الخاء والطاء أراد أنه لغة في الخطء بكسر الخاء وسكون الطاء مثل مثل مثل وحذر وحذر، لأنه من خطأ يخطىء، وعليه يكون المعنى أن قتلهم غير صواب، والمقام لا يناسبه، لأن غير الصواب لا يوصف بالكبر عادة، وإنما وصف الله تعالى قتلهم بالكبر لأن السبب الذي توخوه منهي عنه ولا أساس له في الشرع، فكان قتلهم بناء على ذلك السبب الواهي أعظم عند الله من

<<  <  ج: ص:  >  >>