للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محسوسة غير قابلة للتأويل، فقال لهم اني مررت حين ذهابي بعير لبني فلان بوادي كذا في الروحاء (محل قريب من المدينة) ورأيتهم قد ضلوا بعيرا لهم فانتهيت الى رحالهم وإذا قدح فيه ماء فشربت منه فاسألوهم عن ذلك (هذا وان شرب الماء بغير اذن مباح عندهم ولم يزل كذلك ولذلك شرب دون استيذان.

مطلب انكار قريش وامتحانهم للرسول وحبس الشمس:

فقالوا إن لنا عيرا آتية من بيت المقدس فاخبرنا عنها نصدقك فقال إني مررت بعيركم في التنعيم (محل قريب من مكة) فقالوا صفه لنا فوصفه لهم وبين عدد جمالهم وقال إنها تطلع عليكم مع طلوع الشمس أي في اليوم التالي يتقدمها جمل أورق (هو الأبيض المائل للسواد) عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء أي (فيها بياض وسواد) .

فهذه آيتان محسوستان لكم بدلا من الواحدة إن كنتم تؤمنون. قالوا له ننظر، فذهبوا حتى إذا أدبر الليل ابتدروا وتسابقوا الى الثنية يتراءون العير فلما قرب طلوع الشمس قال قائلهم هذه والله الشمس قد طلعت ولم تر العير فأين قول محمد صلّى الله عليه وسلم، فلم يقض قوله إلا وقد قال الآخر هذه والله العير قد أقبلت وقد صدق محمد صلّى الله عليه وسلم وها هي يتقدمها جمل أورق وعليه الغرارتان كما ذكر محمد صلّى الله عليه وسلم. قيل في هذه الحادثة إن الشمس تأخرت عن زمن طلوعها مدة حتى أقبلت العير ورأوها ثم طلعت وهذه تمام السبعين معجزة في هذه المرحلة المباركة وهذا آخر ما اطلعنا عليه في هذه الحادثة الجليلة من المعجزات وقد تبلغ الى التسعين إذا عدت منفردة لأنا جمعنا ما رأى في الجنة وما رأى في النار باعتبار كل منها معجزة وهي معجزات كثيرة ومعجزاته صلّى الله عليه وسلم لا تعد ولا تحصى ولا يستبعدها إلا الأحمق الجاهل يقدر حضرة الرسول ومكانته صلّى الله عليه وسلم عند الله. واعلم أن الشمس حبست لسيدنا داود ولسليمان ويوشع وموسى ولا يقال إن حبسها مشكل لأنه يختلف فيه سير الأفلاك ويفسد فيه نظام جريانها لأن هذا من المعجزات وهي من الأمور الخارقة للعادة ولا مجال للقياس في خرق العادة وقد وقع له صلّى الله عليه وسلم رجوع الشمس بعد غروبها في خيبر فقد جاء عن اسماء بنت عميس قالت كان عليه الصلاة والسلام يوحى إليه ورأسه الشريف في حجر علي كرم الله وجهه ولم يسر عنه حتى غربت الشمس ولم يصل العصر علي فقال صلّى الله عليه وسلم أصليت العصر يا علي

<<  <  ج: ص:  >  >>