للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسافة بجزء من الليل، وذلك لجهلهم بقدرة الله وكرامة هذا النبي عنده، وارتد أناس ممن كان آمن به لقلة إيمانه، لأن ما سمعوه منه لم تقبله عقولهم القاصرة، وهذا سبب خوف أم هانىء رضي الله عنها وإصرارها على حضرة الرسول أن لا يحدث قريشا يقصته، ولكنه صلّى الله عليه وسلم لا تأخذه بالحق لومة لائم. ثم أن قريشا أخبرت أبا بكر بذلك ليستعظمه ويعذر المرتدين فقال لهم إن كان قال هذا فلقد صدق (انظروا أيها الناس هذا الإيمان العظيم إذ صدقه على أخبار أعدائه قبل ان يسمع منه) قالوا أتصدقه يا أبا بكر على طريق الاستفهام الإنكاري استعظاما لما قاله لهم؟ قال أصدقه على أبعد من ذلك أصدقه على خبر السماء في غدوة كل يوم وروحة، لأنه أمين الله، فسمي الصديق مبالغة من كثرة صدقه وتصديقه لحضرة الرسول، وشرف بهذا اللقب الجليل من ذلك اليوم، وهي منقبة وكرامة له ومعجزة لحبيبه صلّى الله عليه وسلم لأن هذه التسمية من قبل الله تعالى وهي المعجزة الثامنة والستون. ثم إن قريشا؟؟؟ على محمد صلّى الله عليه وسلم وطلبت منه دليلا آخر على إسرائه غير وصف الأنبياء، فقالوا صف لنا بيت المقدس، أرادوا بذلك أن يأثروا عليه كذبا إذا أخطأ في وصفه لأنهم يعلمون أنه لم يره قط، وفيهم من يعرفه لزيارته له، فشرع صلّى الله عليه وسلم يقصه لهم أولا بأول وهم يقولون صدقت صدقت حتى توقف في بقية أوصافه، فلحقته كربة لم ير مثلها في حياته، فأغاثه ربه وجلّى له بيت المقدس (وذلك بأن كشف له الحجاب فيما بينه وبينه حتى رآه وهو في مكانه، أو أن الله تعالى أعدمه هناك وأوجده أمامه في تلك اللحظة يؤيد هذا ما روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي واحمد عن جابر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا انظر إليه وقال صلّى الله عليه وسلم ثم أعاده لمكانه كما أوضحناه في أمر عرش بلقيس في الآية ٣٩ من سورة النمل المارة فراجعها وراجع الآية ٨٥ من سورة ق المارة، بحيث لا يحس به أحد غيره ولا شيء على الله بمحال فسرّ صلّى الله عليه وسلم سرورا لم يره في حياته بسبب نظر الله إليه عند ضيقه هذا وصار ينظر إليه ويصفه لهم حتى جاء على جميعه، فقالوا أصبت ولكن يحتمل أنك حفظت أوصافه من الناس. التاسعة والستون ثم قالوا له ائتنا بآية ثالثة على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>