٢١ من سورة الطّور في ج ٢، هذا ويؤكد هذا المعنى ما أخرج في الصّحيحين أن رجلا قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أمي افتلت (ماتت على حين غفلة) وأظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل لها أجر ان تصدقت عنها؟ قال نعم. وقد أجمعت العلماء على أن الصّدقة تنفع الميت ويصله ثوابها، وأجمعوا على وصول الدّعاء إليه وقضاء الدين والحج عنه، ورجحوا جواز الصّوم عنه أيضا إذا كان عليه صوم استنادا على ما ورد من الأحاديث في ذلك، وأن حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ... لا ينفي وصول عمل الغير كما جاء في شرح هذا الحديث وغيره من أقوال العلماء العاملين، والله أعلم «وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ ٢٣» من أبواب الجنّة يسلمون عليهم زيادة لسرورهم وتحيتهم التي يؤدونها لهم عند دخولهم عليهم هي «سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ» على المحن في الدّنيا «فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ»(٢٤) دارهم هذه دار الكرامة ولما ذكر العداء وما وعدهم الله به من الخير والاستيفاء وما أوعدهم الله به من الشّر. قال جل قوله «وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ» مما ذكر آنفا «وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ» علاوة على تلك المثالب «أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ٢٥» والعياذ بالله، وإذا كان هذا مصيرهم فلا تنظروا إلى ما هم فيه في الدّنيا من السّعة وما هم عليه من الصّحة لأن عاقبتهم وخيمة، راجع الآية ٢٢ من سورة محمد المارة فيما يتعلق في هذه الآية وما قبلها، والآية ٢٧ من سورة البقرة أيضا. قال تعالى «اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ» يضيّق على من يشاء «وَفَرِحُوا» ابتهج هؤلاء «بِالْحَياةِ الدُّنْيا» ولذاتها وشهواتها «وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ» أي بالنسبة إليها «إِلَّا مَتاعٌ»(٢٦) قليل فان كعجالة المسافر «وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا» مع هذه الآيات العظام «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ» عنادا ليس إلا، إذ ما بعد كلام الله آية، ولا تضاهي آياته آية، فيا سيد الرّسل «قُلْ» لهؤلاء العتاة «إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ» مع وجود الآيات «وَيَهْدِي» من يشاء ويقرب «إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ»(٢٧)