الأزواج فترجعوا عن النشوز والإعراض فإنهن أمانة الله عندكم، وقد أمركم بحفظ الأمانة، ووصاكم رسوله بالنساء بعد وصية الله فيهن، راجع الآيتين ٣٢/ ٣٣ المارتين ولهذا فإياكم أن تجوروا عليهن بعد أن ضيعن شبابهن عندكم، وإلا فاتركوهن ولا تأخذوا منهن شيئا، وراقبوا الله وتفكروا في قوله، (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) الآية ٢٠ المارة «فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً»(١٢٨) لا يخفى عليه ما في نياتكم، كما هو عالم بأقوالكم وأفعالكم.
واعلموا أنه مجازيكم على ذلك، فاتقوا الله وأنصفوا. ولما أشار تعالى في الآية الثالثة المارة إلى الاكتفاء بالواحدة عند عدم تيقن العدل قال هنا جل قوله «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ» في الحب والنظر وميل القلب «وَلَوْ حَرَصْتُمْ» كل الحرص، لأن ذلك ليس بوسعكم، وإذا كان الأمر كذلك «فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ» الى التي تحبونها وتجوروا كل الجور على الأخرى في القسم والنفقة والسكنى والنظر فهذا مما هو منهي عنه، لأنكم بعملكم هذا تتركونها «فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ» لا هي ذات زوج يعاملها معاملة الأزواج ولا هي أيم تبتغي الزواج فتتزوج «وَإِنْ تُصْلِحُوا» أنفسكم فتعطوها نصيبها من القسم والنفقة والسكنى كضرتها «وَتَتَّقُوا» الله فيها فتمنعوا أنفسكم من الجور وتنفقوا فيما بينكم «فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً» لما يقع منكم من الميل القلبي «رَحِيماً»(١٢٩) بكم لا يجازيكم على ما لا قدرة لكم عليه مما هو خارج عن وسعكم، تؤذن هذه الآية بلزوم الاقتصار على الواحدة إذا لم يأمن من نفسه العدل، وإذا ابتلي بالجمع ولم يتمكن بأي صورة كانت من بقائها معه، فليتبع قوله تعالى «وَإِنْ يَتَفَرَّقا» على إحسان اتباعا لقوله تعالى فهو خير، لأن الله تعالى قد «يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ» وجوده وفضله فيعوض الزوجة زوجا خيرا لها من زوجها ويعوض الزوج زوجة خيرا له من مطلقته أو يقضي بينه وبين زوجته ما هو خير من بقاء ضرتها معها «وَكانَ اللَّهُ واسِعاً» خيره عميا برّه عليهما «حَكِيماً»(١٣٠) فيما يقيضه بين عباده هذا. وقد وعد الله تعالى الغنى على الفراق في هذه الآية، كما وعد الغني على الزواج في الآية ٣٢ من سورة النور الآتية. وهذا من لطفه