وصار لا يكلمها ولا يؤانسها ولا ينظر إليها لكبر سنها أو لبشاعة خلقها أو دمامة خلقها أو بذاءة لسانها وكراهة لونها أو لقصور منها كذكر زوجها الأول أو لما طبعت عليه من السوء أو لطلاقة لسانها أو لكراهتها أقاربه أو لقصور منه بأن طمح لغيرها أو كلفها بأن تأتي له من مال أهلها أو ميراثها أو غير ذلك «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً» هما أو أولياؤهما أو الحاكم عفوا دون شيء ما ويتراجعا لحالتهما الأولى قبل النزاع، وإن لم يمكن فيتخالصا دون شيء، أو بأن ترد له شيئا من المهر إن كان القصور منها ولم تسمح نفسه بتركه لها ويطلقها أو تجعله في حل من القسم وتبقى عنده، وهو أولى من الفراق لأنه لا مذمة فيه ولا ندم، والفراق بيدهما متى ما أراده فعلاه إذا لم تنم المودة بينهما ولهذا قال تعالى «وَالصُّلْحُ خَيْرٌ» لأنه يكون عن طيب نفس كان سعد بن الربيع ويقال له واقع بن خديج تزوج عمرة بنت محمد بن مسلمة وتسمى خولة فلما كبرت تزوج عليها شابة آثرها عليها فشكت أمرها إلى الرسول فنزلت هذه الآية وكذلك كان رجل له امرأة كبيرة ولها أولاد قالت لزوجها لا تطلقني واقسم لي كل شهر إن شئت وأنفق على أولادي فقال هذا أحب إلي إن كان جائزا، فأتيا رسول الله وذكرا له ذلك، فتلا عليهما هذه الآية. وأمثالهما كثير ولا سيما في بداية الإسلام. روى البخاري ومسلم عن عائشة أن هذه الآية نزلت في ذلك.
وإنما يجوز للزوج في هذه الصورة أخذ شيء من الزوجة عند خوف النشوز منه، أما إذا تحقق صدوره منه فقط، دون أي قصور منها، فلا يجوز له أخذ شيء منها أبدا، راجع الآيتين ٣٤/ ٣٥ المارتين. وعلى هذا العمل الآن وحتى قيام الساعة لا تبديل لحكم الله البتة. قال تعالى «وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ» لازمته بحيث لا تنفك عنه ولا يغيب عنها فالمرأة لا تكاد تسمح نفسها بإعطاء شيء من المهر وترك حقها من القسم، والرجل لا تسمح نفسه أن يطلقها بلا شيء ولا يرغب بإعطائها حقها كاملا من القسم، والنفس مطبوعة على ما تحب، وكل يود ما تميل له نفسه.
لذلك حث الله تعالى على مخالفة النفس ومتابعة الشرع، فقال جل قوله «وَإِنْ تُحْسِنُوا» أيها الأزواج فيما بينكم وتتلاءموا بالحسنى «وَتَتَّقُوا» ربكم أيها