للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قلوبهم، ولما لم تعرف الملائكة كيفية القتل علمهم الله تعالى بقوله «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ» أي رءوس المشركين «وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢) » الأطراف والمفاصل، وأصل البنان رءوس الأصابع ولكنها تطلق على ما ذكر من إطلاق الجزء وإرادة الكل، وخصت بالذكر لأن الفارس يمسك بها سلاحه ويقاتل بها، ومن قال إن الضمير في (فَاضْرِبُوا) يعود للمؤمنين فلا يكاد يصح لما فيه من البعد ومخالفتة سياق التنزيل ومغايرته للخطاب في سياق الآية وسياقها، ومما يؤيد هذا ما قاله ابن عباس: بينما رجل من المسلمين يومئذ (يوم بدر) يشتد (يعدو من عدا إذا أسرع) في إثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم، إذا نظر إلى المشرك أمامه خرّ مستلقيا، فنظر إليه فإذا قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السيف، فأحصى ذلك أجمع، وجاء فحدث بذلك رسول الله، قال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة، فنصرهم الله نصرا مؤزرا، وقتلوا سبعين، وأسروا سبعين مثلهم من المشركين، وهذا القتل والأسر يعد كثيرا جدا بالنسبة لذلك الزمن وعدده وعدده، وانتهت المعركة بهذا وأعز الله جنده، وصدق وعده ونصر عبده. وما روي عن أبي داود المازني وكان شهد بدرا قال: إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أن قد قتله غيري. وما روي عن سهل بن الأحنف قال:

لقد رأيتنا يوم بدر وان أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف. وروى مقسم عن ابن عباس قال: كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو أخو ابن سلمة، وكان رجلا مجموعا، وكان العباس جسيما، فقال صلّى الله عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم. لِكَ»

الذي وقع لكم من النصر والظفر أيها المؤمنونِ أَنَّهُمْ»

أي المشركينَ اقُّوا»

خالفوا وجادلوا وخاصمواللَّهَ وَرَسُولَهُ»

وجانبوهما وصاروا في شق عنهماَ مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ»

القادر من إيقاع القهر والانتقامَ رَسُولَهُ»

المؤيد من لدنه بالنصر والإحكامَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٣) »

لهذا المخالف في الدنيا والآخرة وهو صعب الأخذ (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) راجع الآية ١٠٣ من سورة هود في ج ٢. هذا، وليعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>