فنذكرهم بصحبتهم للرسول ﷺ، وفضائلهم، وأعمالهم الصالحة، كالهجرة، والنصرة، ويدخل في ذلك الكف عن مساويهم، وما وقع بينهم مما هو من لوازم البشرية، سواء كان اختلافًا جماعيًّا كما حصل في عهد علي ﵁، أو كان خلافًا فرديًّا، كالذي حدث بين خالد بن الوليد ﵁ وعبد الرحمن بن عوف ﵁، فقد كان بينهما شيء؛ فسبَّ خالدٌ عبدَ الرحمن، فقال النبي ﷺ لخالد:«لا تسبوا أصحابي»(١)، يريد النبي ﷺ عبد الرحمن بن عوف، وأمثاله من السابقين الأولين، وخالد بن الوليد ممن أسلم بعد الفتح، أي: صلح الحديبية.
فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عما جرى بين الصحابة، فلا يجعلونهم موضع كلام وقيل وقال، فإن هذا يوغر الصدور، ويسبب سوء ظن بالصحابة ﵃، واقرأ العبارات الحكيمة الدقيقة لشيخ الإسلام ابن تيمية في «العقيدة الواسطية» في قوله: «ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم، وألسنتهم لأصحاب محمد ﷺ» - إلى أن قال -: «ويمسكون عمَّا شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها: ما هو كذب، ومنها: ما قد زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منه: هم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون. وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره؛ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما