للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصدر منهم إن صدر، حتى إنه يُغفر لهم من السيئات ما لا يُغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله : «إنهم خير القرون»، «وإن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم» (١). ثم إذا كان قد صدر عن أحدهم ذنب، فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غُفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد الذين هم أحق الناس بشفاعته، أو ابْتُلي ببلاء في الدنيا كُفِّر به عنه؛ فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين؛ فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا، فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور لهم» (٢). وهذا رصين جدير بالحفظ.

وقوله: «وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان».

هذا تأكيد لما قاله أولًا، فحب الصحابة من الدين، قال النبي : «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» (٣)، فإذا كان هذا في الأنصار فالمهاجرون من باب أولى؛ لأنهم في جملتهم أفضل من الأنصار.

فإذا كان الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، ومن أسباب ذوق طعم الإيمان وحلاوته، فمن أفضل وأكمل وأعظم ذلك هو حب الصحابة .


(١) تقدم في ص ٤٢٠.
(٢) ص ٢٥٩، ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٣) رواه البخاري (١٧)، ومسلم (٧٤) عن أنس .

<<  <   >  >>