للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: المراد بالسابقين هم من صلى إلى القبلتين (١)، وهذا قول ضعيف؛ لأنه لا دليل على تخصيص من صلى إلى القبلتين، ثم كل من صلى إلى القبلة المشروعة فقد أطاع الله، لكن من قال ذلك لاحظ أنَّ من صلى إلى القبلتين لابد أن يكون متقدم الإسلام.

ولكن هذا يُخرج من مات قبل نسخ القبلة الأولى، وهو من السابقين قطعًا، ويخرج من أسلم بعد نسخ استقبال بيت المقدس، ونسخ الاستقبال كان في السنة الثانية، فإنه قد ثبت أن النبي بعدما هاجر «صلى إلى بيتِ المقدسِ ستةَ عشر أو سبعةَ عشر شهرًا» (٢)؛ فهذا لا يصلح ضابطًا للسبق.

وقد اختلف الناس في أصحاب الرسول إلى ثلاث طوائف: طرفان ووسط، فغلا فيهم أو في بعضهم قوم، وجفا فيهم آخرون، وتوسط فيهم أهل السنة والجماعة، فأهل السنة وسط في أصحاب رسول الله بين الرافضة والخوارج؛ فالخوارج والنواصب مع الروافض على طرفي نقيض، فالروافض يبغضون أصحاب رسول الله ، ويسبونهم، ويخصون أبا بكر وعمر بمزيد من السب، ويغلظون فيه، فيبغضون الصحابة عمومًا، ولا يستثنون منهم إلا القليل، وفي المقابل يغلون في أهل البيت، ولاسيما في علي وذريته من فاطمة ، فمن الروافض من يُكفِّر الصحابة، ومنهم من يُفسِّقهم، فجمعوا بين ضلالتين: ضلالة العداوة والبغضاء لجمهور الصحابة، وضلالة التعصب والغلو في آل البيت.


(١) تفسير الطبري ١١/ ٦٣٨.
(٢) رواه البخاري (٤٤٨٦)، ومسلم (٥٢٥) من حديث البراء بن عازب .

<<  <   >  >>