للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأدلة على فضلهم منها ما هو عام في جنس الصحابة، ومنها ما هو أخص من ذلك، ومن الأدلة على فضلهم وتفاضلهم قوله : ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾ [الحديد: ١٠]، والمراد بالفتح: صلح الحديبية الذي عقده الرسول مع المشركين بمكة في السنة السادسة من الهجرة، سماه الله فتحًا؛ لأن هذا الصلح صارت عاقبته خيرًا للإسلام وأهله (١).

وفيها تصريح بنفي التساوي، ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾، ثم تصريح بالتفوق والفضل، ﴿أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾، وهم من أسلم بعد صلح الحديبية، والذين أسلموا بعد الصلح وقبل فتح مكة أفضل ممن أسلم يوم فتح مكة، وهم المعروفون بالطلقاء.

وأحسن ما قيل في بيان المراد بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين ذكرهم بقوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ [التوبة: ١٠٠]: أنهم الذين أنفقوا وقاتلوا قبل صلح الحديبية، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم؛ وصلح الحديبية حد فاصل بين مرحلتين، ونوعين من المسلمين (٢).


(١) تفسير الطبري ٢٢/ ٣٩٣.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٦٣٧، ونسب شيخ الإسلام هذا القول إلى جمهور العلماء. منهاج السنة ٢/ ٢٦.

<<  <   >  >>