للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو (يومًا) ضرورةً، وإن كان قد تورَّعَ أبو علي في هذا، وقيل: إن ما جعله ضرورةً ليس بضرورةٍ، وذلك أن حرف العطف عطف ثلاثة أشياء على ثلاثة أشياء، فعطف (يومًا) على (يوم) المتقدم الذكر، وعطف (أديمها) على الضمير المنصوبِ المتصل بـ (ترى)، وعطف (نغلًا) على موضع (كشبه أردية العصب)، والتقدير: تراها يومًا كشبه أردية العصب، وتراها يومًا أديمها نغلًا، وإذا عطف بحرفِ عطفٍ أكثرَ من اسمٍ واحدٍ على مثله لم يَسُغْ أن يقال: إنه فُصل (١) بالمعطوف الأول بين حرف العطف وما بعده، ألا ترى أنك تقول: أعطيت زيدًا درهمًا وبكرًا دينارًا، في فصيح الكلام، ولا يعتقدُ أحدٌ أنَّك فصلت بين حرف العطف والمعطوف الذي هو (دينار) بـ (بكر).

وذكر بعض المتأخرين: أن ما ذكره أبو علي من أن الفصلَ بين حرف العطف والاسم المعطوف به بالظرف في البيت وأمثاله ضرورة صحيحٌ عنده.

قال: وبيانُ ذلك: أنَّ الفعل إذا كان له مفعولان، أحدهما: ظرف، والآخر: مفعول به، كانت مرتبة المفعول به أن تتقدَّم على الظرف، وإن قُدِّم الظرف عليه فاتِّساعٌ، النية به التأخير، فإذا حذف ذلك العامل وأثبت منابه حرف العطف، لم يجز تقديم الظرف اتِّساعًا، كما كان يجوز مع الفعل؛ لأن الأصولَ تحتمل من التصرف والاتساع ما لا تحتمله الفروعُ.


(١) في الأصل: "لم يسمع أن يقال، لأنه قد فصل" والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>