نشأ الإمام ابن دقيق العيد في أسرة علمية، مشهورة بالتدين والصلاح؛ فأبوه الشيخ مجد الدين أبو الحسن علي، جمع بين العلم والعمل والعبادة والورع والتقوى والزَّهَادة والإحسان إلى الخلائق مع اختلافهم، وبذل المجهود في اجتماع قلوبهم وائتلافهم، وقد ارتحل إليه الناس من سائر الأقطار، وقصدوه من كل النواحي والأمصارِ (١).
أما أمُّه: فهي بنت الشيخ الصالح تقي الدين مظفر بن عبد الله المشهور بالمقترَح.
قال الأُدفُوي: فأصلاه كريمان، وأبواه عظيمان.
وقد ذكر والدُه: أنه أخذه عند ولادته وطاف به الكعبة، وجعل يدعو الله أن يجعلَه عالماً عاملاً.
فابتدأ الشيخ بقراءة القرآن العظيم، حتى حصل منه على حظٍّ جسيم، ونشأ بقوص على حالة واحدة من الصمت والاشتغال بالعلوم، ولزوم الصيانة والديانة، فاشتغل بالفقه على مذهب الإمامين مالك والشافعي على والده، وكان قد اشتغل بمذهب الشافعي أيضاً على تلميذ والده الشيخ بهاء الدين هبة الله القِفْطي، وكان يقول: البهاء مُعلِّمي.
(١) انظر: "الطالع السعيد" للأدفوي (ص: ٤٢٤)، و"مرآة الجنان" لليافعي (٤/ ١٦٦)، وكان قد توفي رحمه الله سنة (٦٦٧ هـ).