واللفظ الدال على المطلق، أعني: بفعله؛ لأنَّ المطلق في ضمن المقيد، ولا يُكْتَفَى في حصول الإجزاء به؛ لأنه يبطل ما تعلق به الأمر من القيد.
بيانه: أنه إذا تعلق الأمر والخبر بمقيد، فإنه بفعل ذلك المقيد يحصل المسمّى، ولا يحصل الامتثال به ولا المقصود من الإخبار، فإنَّه إذا قيل: أعتق رقبة مؤمنة، فإذا أعتقها صدق المطلق، وهو أنَّه أعتق رقبة، وصِدقُ هذا المطلق لا يكفي في حصول الامتثالِ، وكذلك إذا قيل: فلان سارق المئة، فالمسمّى حاصلٌ، وهو كونه سارقاً، ولا يحصل المقصود من الخبر بكونه سرق المئة.
إذا ثبت هذا، فيقال لمن قال: إن المسمَّى حاصلٌ فيحصل الاكتفاء به؛ إما أن يُدَّعى أن الحكم متعلقٌ بالمسمَّى حتى يلزم الاكتفاء بمجرد حصول المسمَّى من المسح، أو يدعي أنه معلق بمقيد، فيحصل الاكتفاء بالمسمَّى؛ فإن ادَّعيتَ الأول فهو ممنوع؛ لأن المأمور به المسح المضاف إلى الرأس، وإن ادَّعيتَ الثاني فلا يلزم حصولُ الاكتفاء والإجزاء بحصول المسمَّى، كما ذكرناه.
فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن تكون الباءُ ظرفية، ويبقى الأمرُ بالمسح مطلقاً، فيُكْتَفَى بحصول المسمَّى؟
قلنا: لو كان كذلك لكان المأمورُ بمسحه محذوفاً، والظرفية لِذلك المسح لا تقتضي تعلُّقَ المسح بالرأس، فلا يكون في الآية حينئذ دليل على الأمر بمسح الرأس؛ لأنَّ الظرفية لا تقتضي المباشرة