للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن عباس وغيره (١) من السلف: مثل هؤلاء في نفاقهم كمثل رجل أوقد نارًا في ليلة مظلمة في مفازة فاستضاء، ورأى ما حوله فاتقى مما يخاف فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره فبقي في ظلمة خائفًا متحيرًا، كذلك المنافقون بإظهار كلمة الإيمان أمنوا على أموالهم وأولادهم وناكحوا المؤمنين ووارثوهم وقاسموهم الغنائم فذلك نورهم فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف.

قال مجاهد (٢): إضاءة النار لهم إقبالهم إلى المسلمين والهدى، وذهاب نورهم إقبالهم إلى المشركين والضلالة، وقد فسرت تلك الإضاءة وذهاب النور بأنها في الدنيا، وفسرت بالبرزخ، وفسرت بيوم القيامة والصواب أن ذلك شأنهم في الدور الثلاثة؛ فإنهم لما كانوا كذلك في الدنيا جوزوا في البرزخ وفي القيامة بمثل حالهم جزاءً وفاقًا ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)[فصلت: ٤٦] فإن المعاد يعود على العبد فيه ما كان حاصلًا له في الدنيا، ولهذا يسمى يوم الجزاء ﴿وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)[الإسراء: ٧٢]، ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى … ﴾ الآية [مريم: ٧٦].


(١) إسناده ضعيف: أخرجه الطبري (٣٨٨) من طريق السدي الكبير - إسماعيل بن عبد الرحمن - عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي .
قال ابن حجر في «العجاب» (ص/ ٦٠) بعد ذكر هذه الروايات: «والسدي صدوق؛ لكنه خلط روايات الجميع فلم تتميز رواية الثقة من الضعيف، ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك».
(٢) في إسناده مقال: أخرجه الطبري (٣٩٣، ٣٩٤) من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد وقد اختلف العلماء في سماعه التفسير من مجاهد؛ فذهب سفيان بن عيينة، والقطان، وابن حبان، إلى إثبات القاسم بن أبي بزة بينهما وهو ثقة. وصححه الثوري والبخاري وابن تيمية وقال الخليلي في «الإرشاد»: قريب إلى الصحة.

<<  <   >  >>