للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ رَسُولِهِ هود : ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)[هود: ٥٦]، فَقَوْلُهُ: ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ﴾ نَظِيرُ قَوْلِهِ: «نَاصِيَتِي بِيَدِك» وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ نَظِيرُ قَوْلِهِ: «عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُك».

فَالْأَوَّلُ مُلْكُهُ، وَالثَّانِي حَمْدُهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَكَوْنُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقُولُ إلَّا الْحَقَّ، وَلَا يَأْمُرُ إلَّا بِالْعَدْلِ، وَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا هُوَ مَصْلَحَةٌ وَحِكْمَةٌ وَعَدْلٌ؛ فَهُوَ عَلَى الْحَقِّ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ؛ فَلَا يَقْضِي عَلَى الْعَبْدِ مَا يَكُونُ ظَالِمًا لَهُ بِهِ، وَلَا يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ ذَنْبِهِ، وَلَا يَنْقُصُهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا، وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ الَّتِي لَمْ يَعْمَلْهَا وَلَمْ يَتَسَبَّبْ إلَيْهَا شَيْئًا، وَلَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا بِذَنْبِ غَيْرِهِ، وَلَا يَفْعَلُ قَطُّ مَا لَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ، وَيُثْنَى بِهِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ لَهُ فِيهِ الْعَوَاقِبُ الْحَمِيدَةُ، وَالْغَايَاتُ المَطْلُوبَةُ، فَإِنَّ كَوْنَهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ يَأْبَى ذَلِكَ كُلَّهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يَقُولُ: إنَّ رَبِّي عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ، يُجَازِي المُحْسِنَ مِنْ خَلْقِهِ بِإِحْسَانِهِ، وَالمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ، لَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا، وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامَ، وَالْإِيمَانَ بِهِ.

ثُمَّ حَكَى عَنْ مُجَاهِدٍ (١) مِنْ طَرِيقِ شِبْل عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قَالَ: الْحَقُّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ.


(١) في إسناده مقال: أخرجه الطبري في «التفسير» رقم (١٨٠٧٠ - ١٨٠٧٣) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.

<<  <   >  >>